محمد الكرخي
إن انتقدنا الشخص «س» بيننا وبينه، عدنا: حاسدين مبغضين.
وإن انتقدنا الشخص «س» بغيابه في جمع من المعارف، عدونا: مغتابين غير مأموني الجانب.
وإن انتقدنا الشخص «س» في حضوره وحضورنا جمعاً من المعارف، عدنا: ساعين للتقليل من شأنه، وعدنا الجمع: بلا ذوق.
لا أعلم، كيف للفلسفة أن تنمو، وكيف للأفكار أن تنضبط، وكيف للخرافات والأباطيل أن تزول؛ في ظل هكذا بيئة اجتماعية-ثقافية، تفهم النقد كمرادف للعداء الشخصي؟!
ولو رغبت في انتقاد أحد ما، فعليك أن تتوضأ وتصلي ركعتين لقضاء الحوائج المستعجلة وتطلب من الله أن يكون من تنتقده بمزاج وردي، يسمح له سماع نقدك، ولا يُحَمل نقدك أكثر مما فيه من مقاصد صادقة.
كما ويفضل أن تكون خبيراً في التدليك، لتدلك له جسده المنهك من شدة الإبداع وأنت تنتقده مستعملاً أسلوب المراجع العراقي في دوائر الدولة، وهو يقف عند شباك أحد السادة الموظفين.
لا أعلم، كيف يجرؤ البعض على مجرد التفكير بتغيُر الواقع الفكري العراقي نحو الأفضل، وثقافة النقد تكاد تنعدم!
وإن رغبنا بنقد رمز أو زعيم أو مسؤول أو وجيه، فيجب علينا أن نلف بالكلام وندور، ونلف ونلف، ونبقى ندور، ونشرق ونغرب ونضرب الأمثلة باعتماد نماذج من أميركا اللاتينية ونماذج من روما واليونان والهند، ونستذكر بعجالة سومر وبابل وآشور، ونتوقف قليلاً عند الملوك والزعماء ونستمر نلف ونلف وندور ونلف، حتى نتعب ويتعب من نناقشه، ومن ثم نذهب سوية لاحتساء القهوة أو شرب الشاي دون أي استفادة من النقاش، بحيث يخرج المتناقشان من حلبة النقاش، ولا يعلم وأحدهما أن نقد الآخر كان موجهاً
لأصنامه!