سعد العبيدي
في السياسة بوجه عام، وفي النظم الديمقراطية على وجه الخصوص، تطرح الأحزاب المتنافسة في الانتخابات، برامجها لإدارة الدولة والمجتمع، تنشرها على العلن، تناقشها كذلك في العلن، وبعد الفوز في الدورة الانتخابية، تطرح الحكومة المكلفة من الحزب الفائز أو مجموعة الأحزاب المؤتلفة برنامجها الحكومي بضوء ذاك البرنامج السياسي، مجموعة نقاط على شكل رؤى للمرحلة المقبلة، ومشاريع تنوي إنجازها، وقوانين تسعى إلى تشريعها، وجميعها بطبيعة الحال مدروسة من قبل المختصين في الحزب، والآخرين المهتمين في المجال من خارجه، لتخرج في نهاية المطاف بالصيغة القابلة للتطبيق عملياً، وهكذا تجد الحكومات نفسها مشغولة لأربع سنين في الغالب، لتنفيذ تلك البرامج، وعند الاصطدام ببعض المتغيرات والمواقف غير المحسوبة، التي لا تساعد على التنفيذ في بعض الأحيان، تعيد طرح الأفكار معدلة، وتسعى إلى التنفيذ جهد الإمكان، أو تعلن عن الصعوبات التي حالت دون التنفيذ، لأن الأحزاب في تلك المجتمعات الديمقراطية، تحترم جمهورها، تسعى إلى المحافظة عليه، وعموم المجتمع الذي نشأت فيه، حقائق لا نراها في مجتمعاتنا الشرقية، فالأحزاب عندنا تطرح برامجها، وتأتي الحكومات المنتخبة من بعدها لتعد برامجها، لكن العديد من فقرات برامجها لا تطبق، أو لا يمكن حل معاضلها، لأنها ليست واقعية في الأصل، أو لم تُدرس بالقدر الكافي، أو لأنها درجت لأغراض التزويق الانتخابي، أو لأن الجهد المبذول في الطريق إلى تحقيقها أقل من المطلوب، خلل لم يكن الوحيد في ديمقراطيتنا الناشئة، بل ونسيان أو تناسي حل بعض فقرات البرامج السياسية والحكومية، وعدم المعاودة لطرحها على الجمهور ليكون طرفاً في حلها أو تعديل صيغ الحل، لتكون عملية هي الخلل الأكثر شيوعاً، حوله العديد من الأمثلة من أهمها سعر الدينار مقابل الدولار، الذي لم يتم التطرق اليه في الآونة الأخيرة، وكذلك حصر السلاح بيد الدولة الذي بقيّ مجرد فقرة تكتب في كل برنامج حكومي منذ سنين، وكأن النسيان قد طواهما، مشكلات وأخرى غيرها يحول بقاءها دون استقرار البلاد.