قرارات بوش الابن المصيريَّة

آراء 2024/03/14
...

نرمين المفتي

تحل، بعد ايام، الذكرى الحادية والعشرين للغزو الذي قادته الولايات المتحدة ضد العراق، والذي بعد سنة منه فقط بدأ المسؤولون الأمريكان الذين خططوا للغزو وقاموا بقيادته، ذلك الغزو الذي لم يكن بقرار اممي، لكنه تحول إلى احتلال بقرار اممي وهو قرار مجلس الامن 1483 الصادر في 22 ايار 2003. وفي هذه الكتب الكثير من المعلومات التي تضع جورج بوش الابن و(صقوره) من معاونيه ووزرائه تحت طائلة القانون الدولي والاعتذار من العراق، الذي كان من المفروض أن يعيد الاحتلال إعماره. يقول بوش الابن في مذكراته التي نشرها في كتاب بعنوان (Decision Points) الصادر في تشرين الثاني 2000 والذي ترجم إلى اللغة العربية تحت عنوان (قرارات مصيرية):
“ لا مانع لدي من استخدام صاروخ قيمته مليون دولار لضرب خيمة قيمتها خمسة دولارات”.. هكذا يكشف بوش (الابن) عن أفكاره المتطرفة بعد 11 ايلول 2001. يضم الكتاب الضخم (625) صفحة مذكراته على مدى (2685) يوما كان خلالها (سيد البيت الابيض). ويقول كصانع قرار بأنه قبل باقتراح المقربين منه لنشر مذكراته بسبب الاحداث التي مرت بها امريكا واخرى مر بها العالم. ويشير إلى انه قام بعد أحداث 11 أيلول 2001 بتطوير استراتيجية لحماية الدولة، وهي ما تعرف باسم “عقيدة بوش” وملخصها، (أولاً ليس هناك فرق بين الإرهابيين والدول التي تدعمهم، ويجب أخذ الاثنين في الاعتبار. ثانياً فلنهاجم أعداءنا خارج البلاد قبل أن يهاجمونا مرة ثانية في بلادنا. ثالثاً مواجهة التهديد قبل أن يصبح حقيقة واقعة).
في مذكراته يشير بوش الابن إلى الكتاب المقدس كثيرا وضرورة تعميق الايمان وانه حين أصبح مؤمنا تماما ترك شرب الخمر وينتقد العلمانية.. ولو اي رئيس آخر في منطقتنا تحدث مثله، لكان هو قبل غيره اتهمه بالتطرف الديني.. ما يهمني في مذكراته هو العراق الذي دمره بذريعة اسلحة الدمار الشامل، والتي لم يجدها فيه بعد حملات تفتيش دقيقة لمدة اكثر من سنة بعد احتلاله. ويقول إن التقارير الاستخبارية قد تكون خاطئة احيانا ويعترف بأنه ارتكب أخطاء في العراق، لكنه يقول ايضا ان جنوده الذين خدموا في العراق منحوا امريكا عالما اكثر امانا وهذا سبب حقيقي إلى الابد لياخذ قرارا بغزوه، وان العراقيين بعد ٥٠ سنة، حين ينعمون بالديمقراطية، سيعرفون ان هذا السبب لم يكن خطأ.. ويتذكر (دموع) الرئيس التشيكي حين استقبله في البيت الابيض، دموعه التي شكره من خلالها لمنحه فرصة الاشتراك في التحالف الذي غزا العراق لانقاذ العالم من الارهاب! اي عراقي سيقرأ الكتاب، سيكشف مدى الاكاذيب التي به، مثلا انه اهتم بألا تقصف البنى التحتية في العراق، وبأنه امر بفتح ممرات آمنة لادخال المساعدات الغذائية والطبية العاجلة للعراقيين!! وامر قواته بتجنب قتل المدنيين!! ولا ينسى الاشارة إلى حماية امن (اسرائيل) والدول الحليفة لامريكا في الشرق الاوسط. ويشير إلى احداث داخلية امريكية اتخذ فيها قرارات يراها صحيحة.. قطعا لا تستطيع اسطر قليلة في الاشارة إلى هذا الكتاب الضخم، الذي يعتبره بوش الابن بأنه سيكون “مفيدا لمن يدرسون التاريخ والاستراتيجية وكيفية اتخاذ القرارات الصحيحة”..وهنا لابد من الإشارة إلى ان بوش الابن الذي قال بأن من ليس معه فهو ضده، ردد خلال رئاسته لمرات كثيرة عبارة أن الارهاب لا يمكن دحره إلا بارهاب، ولكن في ارض بعيدة لمنح الأمريكان عالما اكثر اماناً. وأكد فكرته أو قراره هذا في كلمته السنوية عن حال الاتحاد في 2003 قبيل غزو العراق.