ياسر المتولي
في هذا المقال سأغيّر مسار حديثي عن الشأن الاقتصادي المباشر إلى أسلوب رصد وتحليل الظواهر الاقتصادية لتجارب العالم لتوضيح الصورة عن كيفية قيام الدول بمحاولات تنمية اقتصاداتها.
والهدف طبعاً لوضع راسمي السياسة الاقتصادية وأصحاب القرار الاقتصادي في البلد في صورة كيفية تعاطي البلدان مع هذا الهدف من خلال الاكتفاء بالإشارة إلى تجربة بعينها دون أي تعليق.
وهو أسلوب ونهج جديد أحاول أن أختطه لنفسي ومن خلاله تقديم معالجات واقعية عن الظواهر الاقتصادية عبر استشراف تجارب الآخرين.
ولا نذهب في أول عمود بعيداً عن تجربة تطبق في محيطنا العربي والإقليمي كبداية مع تجربتي هذه في كتابة المقالات اللاحقة وفقاً لهذا المنهج.
والبداية من البحث عن إجابة عن سؤال مفاده كيف تسعى دولة بعينها لتنويع اقتصادها؟.
أقرب مثال اخترناه دولة نفطية بامتياز وهي إحدى الدولة الناشئة التي تحقق تطورات متلاحقة في اقتصادها ألا وهي السعودية.
تشير الأنباء والتقارير الاقتصادية الدورية إلى أنها وأقصد السعودية تسعى إلى تنويع اقتصادها لتقليل أو تقليص الاعتماد على النفط فتستثمر في قطاعات متعددة ومتنوعة في مقدمتها التصنيع ثم السياحة والترفيه وغيرها مستهدفة تحقيق سبق في اللحاق بالتطورات العالمية في مختلف المجالات.
فقد خصص صندوق الاستثمار السيادي السعودي وهو المعني بتنفيذ المشاريع الاستثمارية الكبرى في المملكة مبلغ 100 مليار دولار ضمن رؤية المملكة حتى عام 2030 لإنشاء مركز للتصنيع المتطور مع الإعلان عن شراكات مع كبريات الشركات الاستثمارية العالمية المتخصصة لإنجاح هذا التوجه.ويهدف هذا النوع من الاستثمار إلى تنمية القدرات الصناعية للمملكة في مجالات مختلفة ومتعددة في مقدمتها الروبوتات وهي الشغل الشاغل في العالم بقصد اللحاق بالركب العالمي للتطور وكذلك تصنيع مكيفات الهواء وصناعة الكاميرات الخاصة بالمراقبة وغيرها ومن المتوقع تحقيق هدف خلق فرص عمل للشباب وبواقع توفير 39 ألف وظيفة جديدة لشباب المملكة.في المقابل لم يقف طموح المملكة عند هذا الهدف إنما تسعى إلى الاستثمار في مجالات متنوعة أخرى مهمة على سبيل المثال تطوير القطاع السياحي والترفيهي والفني من خلال إنشاء المنتجعات العالمية والمدن الكبرى إلى جانب تطوير المناطق الأثرية عبر إشراك القطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال.
وتهدف المملكة من تطوير الواقع السياحي إلى بلوغ حجم السياح في السعودية 150 مليون سائح سنوياً نصفهم من الأجانب إلى جانب السياحة الدينية في الحج والعمرة، كما تتجه إلى خصخصة الأندية الرياضية واستثمارها والاستثمار في صناعة الأفلام العالمية من خلال استقدام كبار اللاعبين الأجانب واستقطاب الدوري العالمي وكذلك كبار الممثلين للإنتاج السينمائي الرائج كاستثمار رابح.ولابد من الإشارة هنا إلى أنَّ السعودية وبهدف تقليص الاعتماد على صندوق الثروة السيادي في تنفيذ هذه المشاريع فإنها تولي القطاع الخاص اهتماماً استثنائياً في هذه الاستثمارات المهمة التي تُنعش الاقتصاد غير النفطي.هكذا إذن تسعى الدول لتنويع اقتصاداتها ومواردها المالية بعدم الاعتماد على الإيرادات النفطية أو تقليصها، نتمنى أن تصل الرسالة للمعنيين في بلدنا ممن يسعون لتطوير وتنمية اقتصادنا.