ما بعد الانتخابات.. وطن ومواطن

آراء 2024/03/19
...

 علي الخفاجي


كثيرة هي الملفات التي أعلن عنها السيد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني منذ توليه رئاسة الحكومة، وتعهد بإكمالها ومنها ملف الانتخابات، حيث أكد وبأكثر من مناسبة بأن من أولوياته هو إجراء انتخابات مجالس المحافظات في موعدها المحدد، وبعد شدٍ وجذب واعتراضات وتوافقات، ها قد جرت الانتخابات ومضى على إجرائها أكثر من شهرين.

لسنا بصدد تقييم الإنتخابات الأخيرة لمجالس المحافظات، لأن مثل هكذا تجارب ديمقراطية غالباً ماتشوبها السلبيات والايجابيات، وهو أمرٌ طبيعـي نتيجة طبيعة البيئة الجيوسياسية للمجتمع، لكن ما يهمنا هو كيف ستؤول الأمور بعد الإنتخابات، وهل سيعمل المسؤولون على إنجاح هذه التجربة الديمقراطية من خلال خدمة الوطن والمواطن؟.

تحدثنا وبأكثر من مناسبة بأنه ليست المشكلة باجراءات الانتخابات البرلمانية أو المحلية، حيث تعودنا مذ أول تشكيل حكومة بعد عام 2003 بأنه، على الرغم من التقاطعات التي تجري على الساحة السياسية بين الكتل والأحزاب قبل أي انتخابات الا إنها تجري وتمضي، ونتيجة لتجارب العراقيين مع ملف الانتخابات، أصبحوا مشخصين ومخمنين لكواليس ما سيجري، كما ذكرنا بأن المشكلة تكمن بما بعد الانتخابات، حيث تبدأ مرحلة المناكفات والمزايدات السرية والعلنية، ومن ثم الاتهامات والكثير من الأمور التي اعتدنا عليها. 

المزاج السياسـي المتقلب غالباً ما يعكر صفو العملية السياسية وتأثيره بالتالي سيكون بشكلٍ مباشر على المواطنين، فالحديث عن البَعدية إن صحت تسميتها اي بعد اجراء الانتخابات هو دائماً مايسير بمنحنى متعرج وغير سوي وإن ما جرى في الأيام الماضية من اختيار المحافظين ورؤساء مجالس المحافظات خير دليل على التخبط الحاصل في البلد، وطبيعي حينما تنعدم المنهجية وتغيب المحددات الدستورية، يصبح حالنا كما هو اليوم، وتحصيل حاصل لما شهدناه طوال العشرون عاماً التي خلت ونتيجة لخلطنا المتواصل بين الحرية والفوضى، لم يسلم الجو العام من الاعتراضات البينية والفوضى المصطنعة، فبعد المصادقة على الانتخابات من قبل المفوضية العليا شهدنا كمية الطعون والتشكيك بالعملية الانتخابية، برمتها وبعد حين وبعد توزيع المهام بين الكتل السياسية، بدأت التظاهرات تتشكل من قبل القوى الخاسرة، وكذلك تلمح بالتهديدات العلنية بنسف العملية السياسية وكشف ملفات الفساد!، مع شديد الأسف هذا هو واقعنا الحالي، لم نعد إلى الآن نؤمن بأن الحياة السياسية والاجتماعية قد تغيرت فزمن الرجل الأوحد والقائد الضرورة، قد ولى دون رجعة وإن عملية تداول السلطة يجب أن تكون سلمية دون منغصات لأن الوضع العام للبلد بات لم يحتمل المزيد من الأوجاع، وعليه وكتحصيل حاصل وبعد أن أفرزت الانتخابات ممثلين عن المحافظات، أصبح وجوباً عليهم أن يعملوا جاهدين لخدمة محافظاتهم ومدنهم وليعلموا إن الشعب خيرُ رقيب.