المساعدات الأميركية إلى غزة صحوةٌ متأخرةٌ أم ماذا؟

آراء 2024/03/20
...

باقر صاحب

وأخيراً عزمت الإدارة الأميركية على إرسال المساعدات الإنسانية جواً إلى قطّاع غزّة المُحاصر من قبل الكيان الصهيوني، كما كشف الرئيس الديمقراطي جو بايدن في الأيام الأخيرة عن عزم إدارته إنشاء ميناءٍ مؤقّتٍ على سواحل غزّة لغرض توصيل تلك المساعدات إلى سكان غزّة، الذين فتكت بهم، أطفالاً ونساءً ورجالاً، آلة التدمير الوحشية لذلك الكيان، مثلما فتك الجوع بهم، حتى أنَّ عشرات الأطفال ماتوا بسبب الجوع والجفاف، إنَّه التجويع المميت، ليس لأسبابٍ لوجستية، كون قطّاع غزّة من شماله إلى جنوبه ساحة حرب، بل لأسبابٍ استراتيجيةٍ لا إنسانية، تتبعها حكومة الحرب بقيادة اليميني المتطرف نتنياهو، تتمثَّل في استخدام التجويع لغرض إجبار السكان إلى النزوح، ومن ثمَّ التهجير إلى دول الجوار مثلاً.
وهنا نتساءل؛ هل هذا الإجراء الأميركي يُعَدُّ صحوةً متأخرةً لإدارة بايدن، فبالإضافة إلى المساعدات الجوية، سيتم إنشاء ميناء بحري سيكتمل خلال أسابيع، بحسب التصريحات الاخيرة لبايدن، أم هو لأسبابٍ انتخابية، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، في الخامس من تشرين الثاني المقبل، كي لا يخسر بايدن أصوات الناخبين العرب والمسلمين الأميركيين. المفارقة هنا تكمن في أن المبادرات الجوية، اتّخذت من قبل بعض الدول العربية، مثل الإمارات ومصر والأردن.  وفي معرض هذه المبادرات، كتب السفير الأميركي السابق لدى سوريا والجزائر روبرت فورد، في تدوينةٍ على موقع (إكس) بأنّ» أن إجبار الولايات المتحدة الآن على القيام بإنزال جوي للمساعدات إلى غزّة كما لو أنّ الولايات المتحدة ليست أفضل من مصر والأردن هو أسوأ إذلال إسرائيلي للولايات المتحدة رأيته في حياتي». والأنكى من ذلك يذكر فورد» الولايات المتحدة ستقوم بإسقاط المساعدات الإنسانية جواً لسكان غزة إذا وافقت القوات الجوية الإسرائيلية بكل لطف على عدم إسقاط الطائرات الأميركية فوق غزة».
إيحاءاتٌ كثيرةٌ تبثُّها مفردة إذلال، منها إنَّ هناك مسافةً من الخلاف، تتسع يوماً بعد يوم، بين بايدن ونتنياهو، ما يفيد بأن الإدارة الديمقراطية، الداعمة الأساسية للكيان الصهيوني، عبر إمداده بالأسلحة والذخائر طوال الحرب، التي دخلت شهر ها السادس، تُجابهُ بعدم الاكتراث من قبل نتنياهو، إلى درجة نفاد صبر بايدن عليه. ويدور في كواليس الإدارة الديمقراطية تداول سيناريو الاطاحة بنتنياهو، ففي سياقٍ متّصل، زار عضو حكومة الحرب بيني غانتس واشنطن ولندن، ليعرض نفسه كرئيس الحكومة الصهيونية المقبل، هذه الزيارة غير المُرحَّب بها من قبل نتنياهو، تشير إلى تصدّع أركان حكومة الأخير.
وبالرغم من كلِّ هذا الخلاف، فإنَّ تقارير خبريَّة تذكر أنَّ الإدارة الديمقراطية، تتغاضى عن المطالبات الصادرة من قبل المعارضين لهذه الحرب باستغلال البيت الأبيض الورقة الرئيسة، وهي إيقاف الدعم العسكري للكيان الصهيوني، الورقة التي يمكن أن تطفئ نار الحرب، وتجعل الكيان الصهيوني يجنح إلى التخلي عن المغالاة في أهدافه من الحرب، لاسيما الهدف الأول: القضاء على حركة حماس.
تشريعياً طالب نوّابٌ ديمقراطيون بايدن في رسالةٍ مفتوحة، بأن يسعى بقوّةٍ إلى منع الكيان الصهيوني من استخدام الأسلحة الأميركية في الهجوم البري على مدينة رفح، التي لجأ اليها 1.5 مليون فلسطيني.  هنا يمكن القول إن بايدن بتجاهله مطالبات الكفِّ عن الدعم العسكري للكيان الصهيوني، يسعى إلى الإبقاء على رضا اللوبي الصهيوني في أميركا عن سياسته الخارجية، واستمرار دعمه لسباقه الانتخابي. تمثّل ذلك في استخدام حق النقض (الفيتو) ضدّ قرار مجلس الأمن الخاص بوقف اطلاق النار في غزة. لكنَّ اللوبي، سيميل إلى أيِّ الكفَّتين أكثر فاعليةً، الديمقراطية أم الجمهورية، في تغذية الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي للكيان الصهيوني، وهنا قد يبات بايدن بين كمّاشتي الناخبين العرب واللوبي الصهيوني، وبالتأكيد الكمّاشة الثانية هي الأكثر فعالية على المسرح الأميركي.