دراما السياسيين الرمضانيَّة

آراء 2024/03/25
...

 حمزة مصطفى


نحن الجيل القديم كان أقصى ما نفكر بمشاهدته في رمضان على مستوى متعة ما بعد تناول الأفطار هي “فوازير نيللي” لمن لا يزال يتذكرها. حقا كانت من أحلى ما يكون أيام لم يكن التنافس على أشده بين الفضائيات، حيث لا توجد فضائيات بعد إنما قنوات وطنية محلية كان لنا منها أيام ذاك قناتان.. 7 و9. ثم تطورت البرامج والفعاليات ودخلنا عالم المسلسلات فكان عادل إمام هو بطل الشاشة الأوحد في رمضان، لا ينافسه سوى يحيى الفخراني وحسين فهمي ومحمود عبد العزيز وليلى علوي، التي أطلقنا على سيارة تشبهها ببغداد قبل جيل الجي كلاس والرانج روفر والتاهو وأخواتها. كان علينا الانتظار أكثر من عقدين من الزمن على الأقل قبل أن ينفجر الفضاء وتفرخ الفضائيات ومحتوياتها الراقية والهابطة، التي راحت تحتل صفحات مايسمى مواقع التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) فتم اختزال برنامج تلفزيوني من ساعة تلفزيونية بمقطع أو مقطعين لا يتعدى كل منهما دقيقتان أو ثلاث يشمرهما المعد أو المقدم أو المنتج في فضاء التواصل ليشتعل الفضاء وتشتغل رحمة الله.

بعد عصر الفوازير انتقلنا إلى الدراما وبالذات الكوميديا، التي تتنافس فيها الآن الفضائيات التي تتقن مخاطبة الجمهور بعد مدفع الإفطار لنبلغ الذروة في ساعات المساء المتقدمة قبيل السحور، حيث تتسابق نفس الفضائيات التي تضحكنا بعد الإفطار على السياسيين، حيث تبدأ دراما من نوع مختلف تماما. فلقد اختلف الأمر على صعيد كيفية محاورة السياسيين وكيفية إثارتهم، من أجل المزيد من كشف الأسرار والفضائح حتى تبلغ الأمور أحيانا ذروة الفضيحة والورطة معا. وحيث إن الانتشار لم يعد محصورا بعدد متابعي القناة، بل إن القناة نفسها بدأت تتأثر بما تتمكن من بثه من مقاطع مثيرة للسياسيين ممن تتم محاورتهم، فإن الرسائل تصل إلى متلقيها. السياسيون يقولون ما يريدون أن يفعلوا والفضائيات تريد أن تثبت حضورها الرمضاني، حيث التنافس يكون على أشده في هذا الشهر الفضيل. وبالقياس إلى عدد المشاهدات واللايكات والتعليقات التي يحصل عليها أي مقطع سواء كان منقولا كاملا أو مجتزئا من حوار كامل، يتم تقييم أهمية البرنامج وإنتشار القناة ومايترتب على ذلك من رعاية وإعلانات. 

 الدراما التي كانت ولا تزال تحتل الصدارة خلال شهر رمضان هي الكوميديا والتاريخ، فقد أضيفت اليها وعلى مستوى التنافس الفاعل هي الدراما السياسية إن جاز أو صح التعبير. فإذا أردنا معرفة كم المعلومات، التي لا يمكن الحصول عليها من هذا السياسي أو ذاك فإنه يتعين علينا إنتظار شهر رمضان الذي يتحول البرنامج السياسي إلى أشبه عملية تنويم مغناطيسي يبوح به السياسيون بما لم يمكن، أن يبوحوا به في أي وقت آخر خارج رمضان على كثرة اللقاءات في بقية الشهور. ولأن الفضائيات كثيرة والبرامج السياسية كثيرة هي الأخرى، فإن السياسيين باتوا كثر وصناعة النجوم باتت من القضايا التي يحتاجون اليها لتسويقهم انتخابيا، لذلك يقبلون دعوة الفضائيات لإجراء شتى أنواع الحوارات التي تجمع بين ماهو شخصي وعام طالما يصب في مصلحة الزعيم أو من يروم أن يصبح زعيما أو ممن يريد العودة إلى الواجهة بعد ما ركنته الأيام جانبا. رمضان فرصة ربما لا تتكرر العام المقبل، لا سيما لمن يقترب من سياسيي الجيل الأول من.. الفتحة الرابعة.