إيما صباح الشاعرة التي عاشت بجانب زقورة الناصرية تخط برقياتها السرية بدقة ثم تعرضها على الشمس لتكون قصائد شائعة ولأنّها جنوبيّة قفز صوتها الشعري على جدار الاعراف لتنتحل ظلاً حرًا يحمل ديوانها الاول “حمد” كأي أنثى تحاول أن تخيط ثياباً من طيف الشمس لتهديها الى العشّاق والعاشقات
* إيما صباح، من أي الأشجار أنتِ ؟
- أنتمي لأي شجرة تخرج من عمق الأرض كبيت أخضر يكون فيئا للمتعبين والعصافير، وتحمل في جذعها ذكريات كتبها عشاق راحلون، لا تعجز عن كونها مظلة، ولا تتمسك بثمارها حين تهب العاصفة، وتكون كرسي دائم لرسائل المطر .
* هل اختارك الشعر الشعبي أم أخترته ؟
- قبل أن أختار الشعر، ويقبل بي مسافرة في ركبه الطويل، كنافذة أشم منها هواء التجديد، أخترت الكلمة أولاً، ثم صارت شعراً، ثم صار الشعر غنائي الذي أترجم فيه انكسار المطر .
* الشعر سحر اللغة، كيف استطاع هذا السحر أن يجتاز سلطة الأعراف وقيود المجتمع ؟
لقد اجتاز الصوت النسوي مرحلة كبيرة في رفض العرف والقيود الاجتماعية، لكن هذا الرفض لم يثمر عن حرية ولو نصف مطلقة، بسبب تخلّف المؤسسات الثقافية والأصوات الحرة عن تحمل مسؤولية المطالبة بتحرير المرأة من قيود العائلة والتقاليد العامة، لهذا أجتاز الشعر النسوي هذه المرحلة بجمالية آخاذة رغم كونه سار معاقاً في طريق الكلمة لدرجة أنّه حرم عليه أن يكتب قصيدة يكشف فيها عن أسرار الرغبة! رغم أن أغلب من يتسيدون على كرسي الحياة لم يأتوا على الوجود بغير الخراب والعدم .
بمن تشبهين نفسك من النساء ؟ -
- لا أشبه سوى نفسي، ولا أريد لأحد أن يشبهني، لأن وظيفة الإنسان كمنتج في الحياة ليس أن يكون نسخا مشابهة ومكررة لغيره .
* إلى أي وطن تنتمين ؟
- أنتمي إلى الإنسان بكل تجلياته الصادقة ورحلة بحثه عما يؤهله ليكون خالداً بعد الموت، إن كان خلود وهمي أو حقيقي لا يهم .
* لو لم يكن عنوان ديوانك الأول (حمد) ماذا سيكون؟ كلمينا عن هذه التجربة؟
- لكان عنوان آخر يشبه حمد أيضاً، لأن حمد في مفهوم الاستعارة هو رمز عن سعادتي الوقتية، والذي أردت، أما حديثي عن تجربته فهو حجر القيت به في بركة مياهي الساكنة، فصار حفلة ولادة لقمر ثالث.
* بمن توسمتِ بالشاعرات المعاصرات وأين تضعين ثقتك شعرياً ؟
- لم أتوسم بأي شاعرة معاصرة، ولا حتى شاعرة سابقة، لأن الموهبة حين تبنى بالقراءة والتفكير تكون وحدها مصدر نجاح للكاتب. وأضع ثقتي في قليل من القصائد التي تمثل الصوت النسوي الحر للشعر .
* هل الشعر برقية خلود، أم لعبة شائعة؟ كيف تركبين لغتك ؟
- هو برقية خلود ولعبة أيضاً، يخلد في من لا ينجون من الحب الأسئلة الحقيقية، ويفنى من يدخله كلعبة شائعة. وأركب لغتي ببساطة المعنى وعمقه السهل كي يتسنى للقراء معرفة السفر بالكلمة.
* السفر، أي القصائد ترتدين له ؟
- ان توجب عليّ ارتداء احدى قصائدي، فأرتدي أقرب نص إليَّ روحياً، أما إذا لغيري فأرتدي كل الأشياء الصادقة والحقيقية، وأسافر بها ما دامت تمنح حواسي لذة الشعور بالجمال ونبذ الخراب والكراهية وتعظيم الإنسان
والحب.
يبعيد بالك ترد مابيه فكّت باب
چي بعد موت الورد جيت النهر تنعاب
مابيه لاسمك عطش جرحك رواني غياب
ومن الحلم للصدگ
ماخله سر للحرگ ما سولفه العطاب
من چان وصلي سما ومالاحه چف ياريت
عاينتك إمن الگمر مافرزنتلك بيت
خرّبت وي الضوه وصرت الظلمتك صيت
مَر خنجرك والنظر والمو نظر غضيت
وصحت بطعنتك دوى
واشگد رحتلك هوى وخنگه انحسب رديت
من شفت درب الصبح مايلتفت لليل
چيّمت كلشي سهر
وبعيني وشلة نظر عبّرت بيها الويل
* زقورة الناصرية، عرش لقصائد كثيرة كيف تنظرين اليها ؟
- لا يروقني النظر إلى الأماكن المحنطة، بقدر ما يروقني النظر إلى جسر يعبّر الناس للتآخي، أو جدار أعدم عليه ثائر، أو ساحة شهدت تغييرا لواقع الإنسان المأساوي، أو مصطبة حفظت بذاكرتها رائحة لعاشقين.