طالب سعدون
تتميز الصحافة عن غيرها بأنها منفتحة على كل المهن والشهادات، ومن لم يتفرغ لها اساسا ومع ذلك يبقى الصحفي الذي تفرغ لهذه المهنة التي تكرمت بان عُدت السلطة الرابعة هو عمادها، فلا يمكن الحديث عن صحافة بدون صحفي، لأن ما عداه ليس أكثر من أمور تقنية وفنية وراس مال تندثر بمر الزمن، ويبقى الصحفي مهما امتد به العمر صحفيا وركنا اساسيا لاعتبارات كثيرة يتنقل بين عناوينها ( مصحح، مراسل، محرر، مدير تحرير، رئيس تحرير وكاتب ومحلل وغيرها من العناوين المبدعة في هذا المجال الحيوي ) اضافة إلى كونه شاهدا على مرحلته وليس على صحيفته فقط..
ومع ذلك.. يبقى هناك فرق بين صحفي وآخر مثلما هناك فرق بين موظف وآخر في الإبداع والتميز، وإن كانوا يحملون العنوان نفسه.
ومع تقدم الزمن وتطور التكنولوجيا اصبح للصحافة دورٌ كبيرٌ تجاوز دورها المعنوي، باعتبارها سلطة رابعة، لتكون أحد روافد صنع القرار، من خلال ما توفره لصاحب القرار من معلومات قد تكون غائبة عنه..
والاعلام عموما عين الدولة لأنه يصل إلى اماكن نائية وحالات وحوادث وقضايا لا تستطيع أن تصل إليها الدولة من خلال دوائرها المختلفة...
الصحافة والاعلام ليستا ترفا، بل ضرورة حياتية.. تجدهما في كل حراك سياسي واجتماعي ولهما دورهما في كشف الحقائق والاخفاقات، ويعدان في مقدمة وسائل الاتصال مع الناس وان ظهر لهما شريك آخر له دوره أيضا، واقصد به وسائل التواصل الاجتماعي.. لكنها تتقدم عليه كونها معروفة المصدر.
والحرية ليست في أن تكتب فقط وإنما في قدرة ما تكتب على التغيير.. ولن يتحقق ذلك إن لم يكن هناك مسؤول يتابع ويقرأ ما تكتب وينظر اليك كمساعد له في كشف الخلل والتقصير.. هي عين المواطن وهو الممول للصحافة الرسمية لذلك فهي واجهة له وليس للمسؤول فقط، ولكشف أعماله الايجابية فقط وتغض النظر، عن كل ما هو سلبي أو عدم تناول ما يعاني منه المواطن.
للصحافة دور كبير ليس في السياسة فقط، بل في أمزجة وسلوك الناس واختياراتهم.. وفي هذا المعنى يقول ( ديتر أوفنهويزر ) من اللجنة الالمانية التابعة لليونسكو ( إن قراءتنا اليومية للصحف تؤثر في مواقفنا، سلوكنا، حتى في قيمنا الاخلاقية الاساسية ) ولها القدرة على أن تطيح برؤوس كبيرة وتجبرهم على الاعتذار أو الاستقالة، كما حصل مع الرئيس الامريكي نيكسون في فضيحة ووترغيت..
ولن يتحقق ذلك بدون صحفي متمكن وقادر على كشف الحقائق وبدون التفاعل بين الصحافة والسلطات الأخرى. وعندها تتحقق المعادلة الصحيحة بين (فم الشعب) أي (لصحافة) و(إذن الحاكم) اي السلطات. لأن هناك سلطات تتابع ما تقول وعندها يكون للصحافة دور وتأثير وليس كلام جرايد أو (حبرا على ورق) كما يقال.