التنازع الإقليمي الدولي

آراء 2019/05/29
...

يعقوب يوسف جبر 
 
يبرز التنازع الإقليمي الدولي  في منطقة الخليج العربي بشكل واضح ، فبعض دول الخليج العربي كالسعودية والإمارات يصطفان معا وبدعم أمريكي ضد محور جمهورية إيران الإسلامية المدعوم بشكل رئيس من روسيا ، وهذا الاصطفاف الخليجي يتركز بالدرجة الأولى على المناورة السياسية الدبلوماسية والإعلامية ، حيث تبدي الدولتان السعودية والإمارات قلقهما من تنامي دور إيران في منطقة الخليج العربي ، مثلما تبدي الولايات المتحدة هذا القلق ، حتى ظهر أثر هذا القلق بشكل تدريجي ليتجسد في  فرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات اقتصادية على جمهورية ايران ثم تطور متجسدا في إرسال حاملة الطائرات الأمريكية ابراهام لينكولن إلى منطقة الخليج العربي ، لتوجيه رسالة إلى جمهورية إيران فحواها أن الولايات المتحدة قلقة على مصالحها في المنطقة ، وأنها بدأت تلعب بورقة الضغط السياسي بالتلويح باستخدام القوة العسكرية من دون أن تستخدمها بالفعل ، وهذا ما أشار إليه الممثل الأمريكي الخاص لإيران برايان هوك، قائلا “  إن الولايات المتحدة لا تريد الحرب مع طهران، لكنها ستواصل ممارسة أقصى قدر من الضغوط عليها إلى أن تغير سلوكها “ 
بنفس الوقت ومن خلال تصريحات بعض المسؤولين في إيران نستشف استعداد ايران للدفاع عن سيادتها  بموجب حق الدفاع عن النفس في حالة المساس بسيادتها وهو حق مكفول دوليا بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة على أنه ( ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء (الأمم المتحدة) وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس ) 
لكن العديد من الخبراء في شأن المنطقة استبعدوا حصول مواجهة عسكرية مباشرة بين إيران والولايات المتحدة ، لأن ثمن تداعيات تلك المواجهة سيكون باهظا بالدرجة الاولى  ، لاتصال تلكم التداعيات بمصالح الولايات المتحدة في المنطقة التي ستتعرض لخطر جدي سيعيد لعبة التوازنات في المنطقة  ، لذلك ليس من المناسب للولايات المتحدة تجاوز حدود هذه التوازنات ، واللعب بالنار فما تملكه الولايات المتحدة من نفوذ ومصالح ستراتيجية وخشيتها من تضرر هذه المصالح سيجعلها تفكر ألف مرة قبل أن تقدم على هكذا خطوة حمقاء  ، لذلك ستكتفي بالمناورة الإعلامية والسياسية فقط ، بنفس الوقت لا تفكر ايران بالبدء بالإقدام على مس مصالح الولايات المتحدة في المنطقة ، لكي لا تكون تلكم الخطوة مسوغا او مبررا للولايات المتحدة لاستهدف المصالح الإيرانية وأمنها القومي في المنطقة .
ومن البديهات لدى الولايات المتحدة الأمريكية أن دولة إيران الاسلامية ليست دولة هشة ، بل تملك أدوات الدفاع الناجزة على المستوى العسكري والدبلوماسي ، من هنا فإن صورة ما يجري من صراع في المنطقة ، هي صورة الشد والجذب لا أكثر ولا أقل ، إذ أن كلا  من الطرفين المتخاصمين يعيان جيدا الآثار الكارثية على المنطقة وعلى مصالحهما فيها .
لذلك سوف تستمر حالة  التخاصم في صورة مناورة سياسية ودبلوماسية من قبل الطرفين ، فكل منهما يحاول أن يكبح الآخر ويوقفه عند حده ، عبر استخدام هذه المناورة السياسية والإعلامية المستمرة ، لكن هل يستمر الحال على ماهو عليه؟ وهل نتوقع تفاوضا بين الطرفين ؟ 
في المستقبل القريب او البعيد باتباع آلية التفاوض بين الطرفين عبر الوساطة الدولية غير المباشرة ، قطبها الأول دول الاتحاد الاوروبي وروسيا والصين ، لاتصال مصالح هذه الدول بمصالح إيران في المنطقة ، لذلك من المؤكد ان هذه الدول سيكون لها الدور الفاعل في هذا المجال . 
إذن في كل الأحوال فإن ما يجري من اضطراب سياسي في المنطقة قد يستمر دون حل سياسي ناجع ، أو قد يختتم بالتفاوض بالواسطة ، مع هذا من غير المتصور اندلاع حرب بين الطرفين ، لأن اندلاعها سيؤدي إلى خسارة الطرفين الحتمي ، كما ان هذه الحرب لو وقعت فإنها ستنتهي من دون غلبة أحدهما على الآخر .