بغداد: حيدر فليح الربيعي
شهدت اسعار صرف الدولار في السوق الموازية، تراجعاً ملحوظاً بلغ يوم امس الاثنين بحدود الـ 146 الف دينار لكل 100 دولار، وهو الرقم الذي يرى مختصون إمكانية تراجعه اكثر خلال الفترات المقبلة نتيجة نجاح السياستين المالية والنقدية، مؤكدين ان تفوق السوق الرسمية، المتمثلة بمنصة بيع الدولار للبنك المركزي، في تلبية احتياجات التجارة الخارجية، ادى الى انحسار اثار السوق الموازية للعملة الخضراء، في حين عزا مختصون اسباب ذلك التراجع الى ادخال برنامج أتمتة الجمارك (أسيكودا).
وشكل ذلك التراجع، وفقاً للمختصين، عاملا ايجابيا في السيطرة على اسعار السلع والمواد في الاسواق المحلية، متوقعين تراجع معدلات التضخم خلال الفترات المقبلة في حال استمرار نجاح السياسة النقدية في تلبية تمويل التجارة الخارجية.
وفي صورة تؤكد تكاتف السلطتين التنفيذية والتشريعية لمواجهة آثار السوق الموازية، استضافت اللجنة المالية البرلمانية في وقت سابق، محافظ البنك المركزي علي العلاق، لمناقشة عدد من الملفات المهمة أبرزها إجراءات معالجة الفجوة الكبيرة في بيع الدولار بين السعر الرسمي والسوق الموازية، فضلا عن حوالات التجارة الخارجية عبر (المنصة)». واشار العلاق خلال الاستضافة، الى وجود اجتماعات متواصلة مع الخزانة الأميركية، وتم التفاهم على إعادة النظر بالعقوبات المفروضة على المصارف العراقية، وأن هكذا قرارات يجب ألا تصدر مستقبلاً إلا بعد مناقشة واطلاع البنك المركزي العراقي كونه
المعني بمراقبة نشاطها.
وسط ذلك، يرى المستشار المالي لرئيس الوزراء، الدكتور مظهر محمد صالح، أن “السياسة الاقتصادية لعبت دوراً كبيراً في فرض مناخ الاستقرار في المستوى العام لأسعار صرف الدولار”، مبيناً أن “حالة تفوق السوق الرسمية للصرف في تمويل التجارة الخارجية للعراق سببت تراجع آثار السوق الموازية وانحسار
نشاطاتها غير القانونية».
وأشار صالح لوكالة الانباء العراقية “واع”، الى أن “تراجع معدلات السوق الموازية لمصلحة سعر الصرف الرسمي يعد نجاحاً ملموساً على تماسك السياسة الاقتصادية للبلاد بأوجهها الثلاثة: المالية والنقدية والتجارية”، لافتاً الى أن “العمل والتنسيق العالي للسياسات أديا الى توفير حاضنة استقرار يجسدها الهدوء النسبي السعري واحتواء التقلبات السعرية الموسمية للمواد الشديدة الطلب وتحديداً توفير السلع الأساسية المرتبطة بالاستهلاك والعيش اليومي للمواطنين» منوهاً “بأهمية استخدام السياسة الجمركية التي تمثلت (بخفض التعرفة الجمركية وتنويع الاستيرادات من دون محددات كمية للسلع الأساسية والضرورية ) وذلك ضمن أداء السياسة المالية في إسناد الاستقرار السعري وضمان توريد المواد والسلع الغذائية والضرورية ولوازم الإنتاج بسعر الصرف الرسمي وعلى وفق متطلبات الاقتصاد الوطني”.
وتأكيداً لآراء المستشار الحكومي، لفت الخبير الاقتصادي، مناف الصائغ، الى ان “وجود اجراءات تنسيقية بين السياستين المالية والنقدية، يؤشر وجود قراءة سليمة بين اركان الاقتصاد العراقي، وان الستراتيجية التي وضعت لتعزيز قيمة الدينار بدأت تؤتي ثمارها”.
غير ان الصائغ وخلال حديثه لـ”الصباح” حث على ضرورة معرفة الاجراءات الحقيقية التي ادت الى انخفاض سعر الصرف الموازي لديمومتها خلال الفترات المقبلة بهدف السيطرة المطلقة على العملة الخضراء ومنع ارتفاعها مجددا، مؤكداً ان ذلك التراجع في سعر الصرف يمكن ان يحقق جملة مكاسب اقتصادية، ابرزها السيطرة على اسعار السلع والمواد في الاسواق المحلية، والحد من ارتفاع معدلات التضخم خلال الفترات المقبلة، وبالتالي فأن ذلك الامر يصب بصالح
دعم اقتصاديات الفرد.
ولفت الصائغ، أن الأيام الماضية شهدت انخفاضاً واضحاً لطلب الدولار في السوق الموازية، مما ادى الى تراجع سعر صرفه، مبينا ان انخفاض الطلب ناجم عن تلبية احتياجات تمويل التجارة الخارجية من قبل المركزي، وبالتالي فان الدينار يمكن ان يكسب الكثير خلال الفترات المقبلة في حال سد أغلب احتياجات التمويل الخارجية للقطاع الخاص.
بدوره، ارجع المتخصص بالشأن الاقتصادي، الدكتور علي دعدوش، السيطرة على سعر الصرف وخفضه في السوق الموازية، الى الاجراءات الأخيرة المتمثلة بادخال نظام برنامج أتمتة معطيات الجمارك (أسيكودا)، مؤكدا ان ذلك الاجراء الحكومي المهم يعد جزءاً اساسياً في الحد من ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية .
كما يرى دعدوش خلال حديثه لـ”الصباح” ان “هذا الانخفاض سيؤثر ايجابا في مستوى دخل الفرد، وكذلك سيدفع بالاشخاص الذين يكتنزون الدولار الى التفريط به وبيعه مما يمكن ان يسهم في استمرار حالة الانخفاض في سعر الصرف، مبينا في الوقت ذاته ان ذلك الانخفاض للعملة الخضراء سيؤدي بالنتيجة الى تحقيق أثر ايجابي متمثل في السيطرة على اسعار بعض السلع الضرورية للفرد، في حين ستبقى بقية المواد، لاسيما الكمالية، مرتفعة نتيجة ارتباطها بالأسعار العالمية التي تعد مرتفعة بالاساس نتيجة التضخم العالمي.