علي لفتة سعيد
مع اعتراف عصابات داعش الإرهابية مسؤوليتها عن (مجزرة) روسيا التي حصلت قبل أيام تتكشّف الخيوط، ويطفح على السطح سؤال جوهري.. من يقف وراء داعش دوليا؟
إن الهجوم الذي استهدف يوم الجمعة الماضية قاعة للحفلات في موسكو وأسفر عن مقتل 93 شخصًا وجرح العشرات، لا يأتي من فراغ. أو أنه مجرّد موقفٍ ضد روسيا بإعادة انتخاب بوتين، أو أنه جاء ردًّا على الحرب مع أوكرانيا، ولا يكون كذلك من جهة عقائدية، لأن روسيا مثلًا تقف مع الكيان الصهيوني في حربها ضد أهالي فلسطين في غزّة. بل العكس فإن الموقف الروسي مناصر للقضية الفلسطينية، وكان على (داعش) أن تقف معها كون جذوره الثقافية إسلامية، وأن يقف بالضدّ من أميركا التي تقف مع الكيان الصهيوني ضدّ الشعب الفلسطيني.
إن الإجابة هنا تحيلنا إلى الإجابة على السؤال الأوّل.. من يقف وراء هكذا عصابات.؟
ولماذا لم يتتهدف هذه العصابات أميركا؟
إن الأمر قد يخضع لنظرية المؤامرة، لكنها هنا مؤامرةٌ مخطّط لها، وهناك اعترافات من قادة أميركا، من بينها ما اعترفت به وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلنتون. ولهذا فإن أميركا لن تكون ساحة تفجيرات على الأقل في الزمن المنظور.
لأنه الآن ذراع أميركا في العالم، لكي لا تكون تحت طائلة الدولة التي ترعى الإرهاب، فترمي السهام صوب (داعش).
لست هنا في معرض تفكيك داعش أو أهميتها أو قوتها، بل في معرض الاستفهام عن كلّ هذه القدرة التي تذكّرنا بتنظيم القاعدة، الذي ولد ليكون ضد الاتحاد السوفيتي بعد احتلاله لأفغانستان، والذي كان لا يستهدف المصالح الأميركية حتى اشتدّ عود التنظيم، ولتحصل بينهما عداوةٌ واضحة، بعد الانسحاب وتفتيت الاتحاد السوفيتي، والتحوّل من المناصرة إلى العداوة، وهو مبدأ دائم النتائج، ويكون شبيهًا من يصنع فايروسات في مختبر، ثم تتحوّل إلى عداءٍ والخوف من الإصابة به والتحوّل إلى قاتل.
وهو ما حصل بهجمات 11 ايلول أو هجمات سبتمبر 2001 التي اخذتها أميركا حجّة على العالم لتغزو أيّ بلدٍ تريده ومنها العراق ثم سوريا ومحاولة السيطرة على العالم، بعد أن تحوّل العالم إلى القطبية الواحدة، ومن هنا تم (خلق) هذا التنظيم ليكون اليد التي تحقّق فيها أهدافًا عديدةً، أنها تفتت الدول التي يقوم التنظيم في العمل على أراضيها، وأن يكون الراعي في منأى عن الاتهامات. ولأن هكذا تنظيمات تتواجد في هذا المكان أو ذاك، لا يمكن لها أن تفرّط بوجودها حتى لو تعرضت إلى التصفيات من (خالقها) لأنها تنظيمات حلقية، لا يمكن لها التراجع فإنها في الحالتين البقاء أو التراجع تتعرّض إلى التصفيات أو المحاكمة. وهو أمر أيضا أريد به الوصول إلى ما وصلت إليه القضية الفلسطينية من عمليات قتل وتصفيات بهدف قتل الصراع العربي الصهيوني وتحوّله إلى صراعٍ فلسطيني صهيوني، ومن ثم تحوّله إلى غزّاوي صهيوني. إلا أن السؤال. لماذا لم تقم داعش التي ترفع شعار الدولة الإسلامية بالهجوم على الكيان الصهيوني في أيّ من مصالحه في العالم أو حتى داخل الكيان وهو يصل إلى روسيا مثلا وهي دولة مخابرات من الدرجة الأولى، وبالتأكيد أقوى من مخابرات الكيان الصهيوني؟ وإذا قيل لا يمكن لها ذلك فإن (طوفان الأقصى) كذّب هذه النظرية. ثم ان بعض أعضاء داعش من الفلسطينيين ومن الداخل الفلسطيني وقد قاموا بالعديد من الأعمال الارهابية داخل العراق وسوريا وخارجهما.
فهل ينقلب السحر على الساحر ويحصل الصدام بين داعش و(خالقها)؟ كما حصل مع التنظيم الذي
سبقها؟.