كاظم غيلان
لايمكن لطاقة سلبية أن تظل لوحدها عابثة بوجودنا دونما أخرى مثلها طاقة الا أنها إيجابية، ترتفع بعواطفنا وحواسنا لتزيح المتراكم مما ابتغته الأولى، برغم ما توفر لها من أدوات شرسة للاطاحة بالحب بوصفه خطابا وجدانيا.
الشعر ملاذ الايجابية، فما من تجربة مهمة إلا واغتسلت بمياهه الصافية القادمة من اقاصي ينابيع الروح، التي نذرت نفسها لحلم الإنسان وتوقه الدائم للحرية.
" سأل محرر مجلة - ذانيش- الأميركية العريقة ازرا باوند :
اتوافق على الرأي القائل بأن الشاعر العظيم لا يكون عاطفيا قط؟
فرد باوند: اجل أوافق بصورة مطلقة، اذا كنت تعني بالعاطفة انه يقع تحت رحمة كل حالة نفسية تمر به. إن النوع الوحيد من العاطفة الجديرة بالشاعر هو العاطفة الإيجابية التي تنفخ فيه الطاقة وتقويه، والتي هي ابعد ما تكون من الانفعالات اليومية المتسمة بالوحولة والاغراق في العاطفة ".
هذا ما نجده في شعر العامية العراقية تماما وبحكم ما تعرض له من تشوه تسببت به الأصوات الدخيلة التي نهلت من اوحال ثقافة العنف والسطحية التي سوقتها مؤسسات فنية ثقافية لتخريب ذائقة الناس لربما افصحت عنها موجات الغناء الهابط.
لنا في النموذج المتطور وعيا وفنا أمثلة عديدة اشاعت تلك الطاقة المعجونة بالحب وهي في اوج فترات نضالها السياسي واقامتها قي سجون العراق.
فهنا مظفر النواب يكتب في ( أيام المزبن) 1962 وعلى لسان المرأة:
طرزت روحي بريسم اشكر
ياترف،
بشليلك
كون انه اكودن مهرتك،
كل العمر.. واحجيلك
بينما يكتب ( ابو سرحان ) في- كرستال :
مره.. مرني الطيف مهره امزلفه
وذب غطوته البارده اكليبي دفه
وطرزت للجاي ورده من الفرح
وجانت الكذله ذهب
جانت الدنيه كرستال وشمس.
بينما يغني علي الشباني في قصيدته ( بستان العصر):
ياغصن.. ياخيط واهس للشمس
ماجاس دنياك العطش
واركض لطاري سواليفك قهر
يلي طولك غفوة النثيه بتعبها
بنوم اصابعها الطويله وبالسهر
ازهي لوتزهي دهر
لا بقاء الا للحب في الشعر، في الأغنية، فهو وحده الذي يمتلك القدرة الجمالية في إزاحة كل ماتراكم من نفايات شعر الاحقاد والحروب والمبارزات الخائبة.