الجيش الروسي يستخدم المتطوعين لسد الثغرات في أوكرانيا
ناتالي توماس وماريا تسفيتكوفا وأنتون زفيريف
ترجمة: بهاء سلمان
عندما انسحبت القوات الروسية من بلدة بالاكليا الواقعة ضمن شرق أوكرانيا أواخر العام 2022، وطاردتها القوات الأوكرانية وتحت نيران المدفعية، تركت مجموعة من المتطوعين ضعيفة التجهيز لحراسة انسحابها.وتنتمي القوة المؤلفة من نحو خمسين رجلا إلى «احتياطي الجيش الوطني القتالي»، المعروف اختصارا بالأحرف الأولى لكلماته باللغة الروسية ب BARS، وهو عبارة عن تجمع غير منتظم من الوحدات يبلغ إجمالي عددها عدة آلاف من المقاتلين الذين تنشرهم وزارة الدفاع الروسية في أوكرانيا لتكملة قواتها النظامية.
كان غزو أوكرانيا هو المرة الأولى الذي أظهر قوة “بارس”، والتي تأسست عام 2015، وكونها وحدات تم نشرها لأجل القتال.
فقد تركت هذه الوحدة للدفاع عن بالاكليا بدون أسلحة ثقيلة أو دعم جوي، وسط خلل الاتصالات، وضعف تنسيق مع الجيش النظامي.
وقال قائد المجموعة، “أنطون كوزنتسوف”، الذي سجلت كاميرته الخاصة ما جرى من احداث، لرجاله إنه لا بد أن يكون هناك سبب وجيه لعدم وجود دعم جوي. “هل يفهمون أننا محاصرون؟” اشتكى جندي آخر، خارج الكاميرا.
إشادةٌ رئاسيَّة
وحققت روسيا مكاسب إقليمية على طول أجزاء من خط المواجهة في الأشهر الأخيرة. أوكرانيا من جانبها، والتي استبدلت كبار قادتها العسكريين في أوائل شباط الماضي، فقد قالت مرارا وتكرارا إنها تحتاج إلى المزيد من المعدات والدعم من الحلفاء الغربيين لمواصلة الحرب.
وعبر مناسبتين على الأقل، أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين علنا بمساهمة قوة بارس في الحملة الروسية.
وفي خطابه السنوي أمام البرلمان قبل أكثر من سنة وخلال الاحتفال ببداية تلك الحرب، قال بوتين إن مقاتلي بارس متطوّعون وطنيون، وشكرهم على خدمتهم.
ومع دخول الحرب عامها الثالث، قال الخبراء العسكريون إن بارس جزءٌ من خليط من القوات غير النظامية التي تساعد روسيا على تجنّب التجنيد العام الذي لا يحظى بشعبية. ويقدّر “رود ثورنتون”، الأستاذ المساعد في قسم الدراسات الدفاعية بكلية كينغز كوليدج في لندن، أن وحدات هذه القوة تساهم بما بين عشرة آلاف وثلاثين ألف رجل ضمن قوة روسية تعمل في أوكرانيا أو بالقرب منها تبلغ إجماليها نحو مئتي الف جندي. ولم تكشف روسيا عن العدد الدقيق لمقاتلي هذه القوة.
في الأشهر الأخيرة، خاضت وحدات بارس معارك في شمال شرق أوكرانيا وفي منطقة زابوريزهيا الجنوبية، وهما من أكثر الجبهات المتنازع عليها، وفقا للتحديثات التي نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي “ديمتري روغوزين”، الممثّل المعين من قبل موسكو لمنطقة زابوريزهيا باعتماد من المجلس الاعلى للبرلمان الروسي، علاوة على تقرير أصدرته وكالة الأنباء الروسية الرسمية ريا نوفوستي.
وقال “نيك رينولدز”، زميل أبحاث يعل لدى قسم الحرب البرية في المعهد البريطاني لخدمات الأبحاث الدفاعية، إن وحدات بارس كانت مفيدة في سد الثغرات بين صفوف القوى البشرية الروسية،
وأضاف موضحا: “مع التعبئة الروسية لأجل صراع أطول زمنيا، فإن نظام مثل بارس يوفر وسيلة إضافية يمكن من خلالها تعبئة أجزاء من السكان، وتدريبهم وتوفير كتلة بشرية إضافية.”
في السادس من أيلول 2022، كانت معظم القوة الروسية في بالاكليا تنسحب في مواجهة هجوم مضاد أوكراني كبير، وكانت القوات الاوكرانية قد سيطرت مسبقا على مستوطنتي فيربيفكا ولاجيري القريبتين، بيد أن مقاتلي بارس بقوا في الخلف.
وأظهر الفيديو أن كوزنتسوف، البالغ من العمر 29 عاما، وهو من سيبيريا، كان أحد قادة وحدات بارس وكان يقود نحو عشرة رجال. وأظهر فيديو تم فحصه أن قائد الفصيل داخل بالاكليا أمر مجموعة كوزنتسوف بالتوجه إلى مفترق الطرق وصد القوات الأوكرانية.
وأظهرت المحادثات التي التقطتها الكاميرا أنهم كانوا يعلمون أن الأوكرانيين سيتفوّقون عليهم.
كانت أثقل الأسلحة التي كانت تحت تصرف مجموعة كوزنتسوف هي المدافع الرشاشة والصواريخ، وأظهرت المحادثات التي التقطتها الكاميرا أنهم كانوا يعلمون أن الأوكرانيين سيتفوّقون عليهم.
كانت أثقل الأسلحة التي كانت تحت تصرف مجموعة كوزنتسوف هي المدافع الرشاشة والقذائف الصاروخية ومدافع الهاون.
لعبة الجنود
تمَّ إرسال عضوين من قوة بارس للعثور على مكان به إشارة لاسلكية للاتصال بوحدة مدفعية قريبة للحصول على الدعم، وفقا لأحد المقاتلين الأربعة، الذين تحدثوا إلى رويترز بشرط عدم الكشف عن هويتهم.
وأضاف المصدر أنه بعد حوالي 24 ساعة، عثروا على وحدة مدفعية، لكنهم كانوا ينسحبون بالفعل نحو روسيا، لذلك لم يتمكنوا من المساعدة، بحسب أحد الجنود، وأضاف قائلا: “كان انطباعي الأول هو أننا قد نسينا. لقد ضربني الأمر نفسيا بشدة”.
في السابع من أيلول، وهو اليوم الأخير الذي تم تسجيله على الكاميرا، كانت مجموعة كوزنتسوف تراقب من مبنى سكني يطل على مفترق الطرق، بينما أبلغت حركة الراديو عن اقتراب القوات الأوكرانية.
وأثناء انتظارهم، لعب كوزنتسوف وإثنان من رجاله بلعبة طائرة ودبابة، وقاموا بتمثيل جندي يطلب الدعم الجوي. وبعد فترة وجيزة، جاء تقرير إذاعي يفيد أنه تم رصد خمس عربات همفي أوكرانية في مكان قريب.
يقول كوزنتسوف لفريقه: “حسنا أيها الرجال، دعونا ندخل في حالة مزاجية للمعركة”. تنتهي لقطات الفيديو عندما يتجه كوزنتسوف إلى الشارع في الطابق السفلي.
وقال إثنان من المقاتلين إنهم اشتبكوا بالفعل مع القوات الأوكرانية، لكن الروس كانوا أقل عددا. وبعد الإنسحاب، تم حل وحدة قوة بارس مؤقتا، وفقا للمقاتلين، رغم قولهما إنه تم إعادة تشغيلها منذ ذلك
الحين.
وكالة رويترز الاخبارية