وليد خالد الزيدي
في قضيَّة مهمة قد تغيب عن بعض المتابعين لحراك الحكومة باتجاه إعادة قطاع الصناعة إلى سكة النمو وطريق التقدم هي حديث وزير الصناعة خالد بتال عن الأهمية الاستثنائية للصناعات الستراتيجية في نظر الحكومة لتأتي في المقام الأول من بين أولويات مهامها وبعدها تأتي الصناعات البسيطة بدرجة ثانية في سلم اهتماماتها في مرحلة تستند فيها الحكومة لإطلاق حراك نهضوي لتصحيح الأخطاء السابقة حينما ترك المجال الاقتصادي معتمداً على النفط ووارداته بتنفيذ خططها من دون معالجة مشكلات التنمية وضعف مصادرها وشغلت فكر الاقتصاديين الذين طالبوا بتنويع مصادر التنمية وتطويرها، لكنَّ هذا لم يحدث فكانت آثاره كبيرة في مجمل الفعاليات الحكومية على مدى فترة ليست قصيرة.
تأكيد وزير الصناعة والمعادن ينم عن فكر بعيد المدى وتناغم مطلوب بين النظرية وتطبيقها بشكل واقعي لا سيما ما يتعلق بخطط الإنتاج وتنفيذها والتي قد لا تأتي دفعة واحدة بل مراحل متوالية وكذلك توضيح مسألة تنمية قطاع الصناعة الذي يعد المؤشر البليغ لقوة اقتصاد الدولة ومستوى رقيها حيث تولي الحكومة الحالية أهمية استثنائية للمشاريع الستراتيجية ومنها مصانع الشركة العامة للحديد والصلب في البصرة التي تعد عاصمة وقاعدة لمشاريع العراق الاستثمارية الكبيرة المدرة لعائدات وافرة من شأنها تعزيز الاقتصاد الوطني بموارد مالية إضافية وتأسيس قاعدة متينة للدخول في مشاريع كبرى تتماشى مع أولويات البرنامج الحكومي في الشأن الاقتصادي.
قادة المجتمعات في كل أرجاء المعمورة يبذلون جهوداً كبيرة لكي لا يقتصر قوت عيش شعوبهم على نشاط بحد ذاته إنما سعوا بكل السبل لتحقيق توازن في البيئة الاقتصادية لتجعلها بمأمن من الهزات التي قد تعصف بمصادر نموها فتقوم بابتكار ما هو جديد ليضاف كمرتكز ستراتيجي لمرحلة اشتداد الأزمة وما بعدها والتي على ما يبدو أنَّ حكومتنا الحالية قد تيقنت لإحيائها من خلال خطط وزارة الصناعة بالعمل على إعادة مصانع الحديد والصلب في محافظة البصرة والتي تعد أحد المنافذ الرائدة في مجال الصناعات الثقيلة في العراق بعدما كانت متوقفة خلال السنين الماضية ما جعل العراق يفقد مليارات الدولارات سنوياً باستيرادات ضخمة من منتجات الحديد لسد الحاجة المحلية إليها فاستهلت عمل المصانع الستراتيجية بافتتاح مصنع الدرفلة الذي نعتقد أنه إحدى مراحل التصنيع المتكامل وهي الأصعب في هذا المعمل فضلاً عن مرحلتي تجميع المواد الأولية وصهر الحديد وصبه ليكون بعد ذلك جاهزاً للبيع والاستهلاك المحلي الذي يعرف الجميع حاجته المتعاظمة من تلك المنتجات بجميع استعمالاتها في الورش الحرفية والمنازل وتلك مرحلة مشجعة إلى حد بعيد تجسد بشكل عملي التوجهات السليمة ومن خلال الوزارة الاختصاص نحو صناعة وطنية ستراتيجية واعدة.
إجراءات القطاع الصناعي الآن لا تقتصر على تدعيم الإنتاج بروافد إضافية بل التركيز على استثمار التكنولوجيا المستخدمة والحاجة إلى خبرات دولية متطورة لا تلغي الاستعانة بخبراء عالميين في مجال الصناعة على أن تقترن الإجراءات ببرامج لتدريب الملاكات العراقية المتخصصة في دورات فنية وزجها بالعمل مع نظيراتها القادمة من الخارج لكي لا نترك العنان للخبرات الأجنبية لأن تمسك زمام أمور صناعتنا الوطنية باحتكارها تقنيات الإنتاج المتطور من دون استفادة كوادرنا المحلية من تلك الميزة وبالتالي نحقق جودة الإنتاج وامتلاك التكنولوجيا المتطورة.