الحرب على الفساد
آراء
2019/05/30
+A
-A
د. حسين القاصد
بعد الانتخابات وما اسفرت عنه من نتائج ، وبعد تشكيل الحكومة الحالية برئاسة السيد عادل عبد المهدي ، عاد الحديث عن الحرب على الفساد لاسيما ان العراق _ كما هو مفترض _ قد انتهى من اخر الحروب العسكرية ، ولابد من التخلص من مخلفاتها ومن الذين انتهزوا انشغال البلد بالحرب فأخذت اموالهم وممتلكاتهم تتناسل بشكل مريب ، حتى اصبحت لهم سطوتهم على بعض الامور التي تخص دوائر الدولة بحكم سطوة المال وانتشار ابطال افة الفساد الاداري في اغلب مفاصل الدولة .
ونحن اذ نحيي خطوة السيد رئيس الوزراء على نيته محاربة الفساد ، لا بد لنا أن نسأل عن الآلية المناسبة لمحاربة الفساد ، فلكل حرب قواتها وكتائبها وفصائلها ؛ وهذه الحرب _ تحديدا_ لاتنفع معها سياسة الارض المحروقة ، لأننا نريد الجناة ونريد ماسرقوه ؛ ولقد سمعنا بتشكيل المجلس الاعلى لمحاربة الفساد الذي اعلنت عن تأسيسه رئاسة الوزراء ، لكن الأمر في ظاهره يبدو اجراءً اداريا ، قد يأخذ مسراه الوظيفي ، دون اية نتائج .
ففي دولة مثل العراق فيها مؤسسات نزاهة ، وفيها مكاتب للمفتش العام في كل وزاراتها ودوائرها ، وفيها صحف ورأي عام ومتظاهرون ، وكلهم يشيرون الى جهات الفساد باسمائها وصفاتها الرسمية او الوهمية ؛ في دولة تملك كل هذا الصوت ضد الفساد ، ترى ما الحاجة الى تشكيل جديد ستكون له رواتبه ومكاتبه ومخصصاته ، ونكون قد خلقنا تشكيلا جديدا دون مساءلة مكاتب المفتش العام في كل وزارة عن الفساد الذي حصل في وزارته .
نحتاج من رئاسة الوزراء ان توفر الحماية لاصحاب الرأي حين ينتقدون او يوجهون اصابع الاتهام للجهات المفسدة ، ونحتاج من الحكومة ان تمنع القيود وتكميم الافواه التي تمارسها بعض الوزارات على منتسبيها ، حين يقومون بتشخيص خلل ما ، او يشيرون الى شبهة فساد ما ؛ فأغلب الوزارات تحاسب موظفيها على ممارستهم (الرأي العام) ، لذلك كيف يتسنى للمواطن المهدد بالعقوبة من وزارته ان يوصل معلومة فساد الى المجلس الاعلى لمحاربة الفساد ؟