عندما ترتدي الأرياف ربيعها
الديوانية: عباس رضا الموسوي
ما أن تتجه بك سيارتك بعيدا عن المدينة وضجيجها وتقترب من الأرياف وهدوئها ، تشعر وكأنك أخف وزنا واهدأ روعا وأكثر انشراحا من ذي قبل ، فهنا ارتدت الطبيعة النضرة ثياب ربيعها وأضحت أسراب الطيور المهاجرة ترسم في زرقة السماء مظلة تحجب عنك حرارة الشمس ، وإلى جانبك امتدت السواقي المتعرجة التي تشبه تجاعيد عجوز سومرية أكل الدهر عليها وشرب ، ففي الارياف يهبط عليك وحي التأملات وتعود بك الذكريات إلى تلك السنوات التي طوت أوزارها فتمر بذاكرتك المتعبة سلسلة من الاحداث التي تكونت منها حياتك ( سياط الجوع التي أدمت يتيما لم ير والده - الحبيبة التي رفضتك رغم انفك - الانكسارات التي عشتها سنوات دراستك - نعي الام الشجي وهي تقطف أعواد البردي ) وغيرها من مكونات شخصيتك الحاضرة ، ففي الريف تجد نفسك رهينة صمته المطبق الذي لا تكسره سوى زقزقة الطيور ومناظره الخلابة التي تجسد لوحة رسمتها الطبيعة بألوانها الساحرة وأفكارها السماوية .
يقول الباحث في علم النفس علي كامل لاستراحة (الصباح ) إن الأرياف في فصل الربيع تكون محطة مهمة في حياة الناس كونها تزداد جمالا وجاذبية فضلا عن الهدوء الذي يبحث عنه الكثير من الناس مشيرا إلى أن بعض المرضى الذين يعانون من مشكلات نفسية يعد الريف الدواء المفيد لمعاناتهم حيث المناظر الطبيعية الجميلة والهواء النقي وأصوات الطيور المغردة وغيرها من مكونات الريف التي يحتاجها
الإنسان .