لماذا رفع الدعم الحكومي الجزئي؟

اقتصادية 2024/04/01
...

ياسر المتولي

لماذا رفع الدعم الحكومي الجزئي؟هل يرتبط بإصلاح المالية العامة؟
أثار القرار الحكومي الأخير رفع أسعار البنزين جدلاً واسعاً وذهبت التحليلات بشتى الطرق.
ودعونا نناقش الأمر من وجهة النظر الاقتصادية للقرار، وبناء على قراءتنا الأولى له، اتضح أنه قد جاء متسقاً مع رؤية ومتطلبات صندوق النقد الدولي الذي يشترط لتحقيق الإصلاحات رفع الدعم الحكومي باعتماد سياسات ضريبية تساعد على تنويع مصادر تعزيز الموازنات السنوية.
فمن هذا المنطلق الذي تستند إليه جميع النظريات الرأسمالية والاشتراكية فإنَّ عملية دوران رأس المال تستهدف إعادة توزيع الدخل بشكل عادل بين فئات المجتمع وذلك يتطلب فرض سياسات ضريبية وتعزيز وتنويع إيرادات الدولة ولكن هذه الإجراءات تطبق في الدول التي تتمتع باستقرار عال.
لذلك قد يؤخذ على توقيت هذا القرار أنه لا يلائم الظروف التي يمر بها البلد من تعقيدات خصوصاً عدم استقرار السوق وتشوهات بنيوية في صورة الاقتصاد العراقي.
يرافق ذلك أنَّ هناك ضعفاً في الثقافة الاقتصادية يجعل أيّ قرار يخص الدعم يواجه بعدم رضا، ولعلّ سبب هذا الضعف في الثقافة الاقتصادية يعود إلى غياب الشفافية في توجهات الإيرادات الضريبية وأوجه صرفها.
فمن المعروف أنَّ دورة رأس المال تستند إلى اعتماد الإيرادات الضريبية كما أسلفت وتذهب في مجالين مهمين أولهما إعادة توزيع الدخل بين المواطنين وفقاً لمستوياتهم المعيشية والثاني فإنَّ من واجبات الحكومة تقديم خدمات مقابل حجم الضرائب التي تتسلمها من دافعي الضرائب.
هكذا تعمل النظرية الاقتصادية في جميع دول العالم. إنَّ غياب الشفافية المقصود به عدم وضوح حجم الإيراد الضريبي في الموازنة وسبل توزيعه بين الخدمات وكذلك في دعمه للشرائح الهشة.
وهذا الغياب نتج عنه ضعف في الثقافة الاقتصادية وعمقها لدى المواطن يجعله لا يتقبل أي قرار يتعلق بزيادة الضرائب أو رفع الدعم الحكومي لعدم إدراكه باتجاهات صرف هذه الأموال التي يتعين أن تصب في تقديم أفضل الخدمات له.
 إنَّ عدم استقرار سعر الصرف مع ثبات الأجور والرواتب يقود إلى التأثير في القدرة الشرائية.. كيف؟
ذلك أنَّ السوق العراقية اعتادت على استغلال الشائعات فأي قرار يستغله بعض التجار فترفع بموجبه الأسعار وتأثير ذلك في خلق التذمر الذي يستغل أحياناً من قبل البعض في وقت بدأت الحكومة فيه بإيجاد حلول أولية وكسب رضا المواطن والحديث عن منجزات ملموسة حقاً.
لذلك نرى ضرورة إرجاء تنفيذ هذا القرار إلى وقت آخر يتحقق فيه استقرار السوق والأسعار ويتحسن المستوى المعاشي وإلى أن يشهد المواطن نتائج جهود الحكومة في تنفيذ المشاريع الحكومية الخدمية الواسعة على أرض الواقع وهي وجهة نظر ليس إلا.
عند ذاك نستطيع نحن معشر الإعلام الاقتصادي إقناع المواطن بأنَّ هذه المشاريع إنما تتطلب أن يسهم في إدامتها من خلال امتثاله إلى القرارات الاقتصادية الصحيحة والسليمة.