زيادة أسعار البنزين

آراء 2024/04/02
...

 د. حميد طارش


 سياسة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تقتضي وجوب حرص الدول المقترضة والمدعومة منهما لتقليل الدعم الحكومي لبعض السلع والحاجيات، وكانت تلك السياسة سبباً برفع أسعار البنزين لعشرة أضعاف السعر قبل ما يقرب من عقدين، وأصرت الحكومات المتعاقبة على عدم الغاء الحصة التموينية أو رفع الدعم عنها، كونها تمثل القوت الأساسي للشعب، وخاصة الشرائح الفقيرة، وتنطلق سياسة المؤسستين المذكورتين من وجوب دفع الدول إلى النهوض اقتصادياً والمحافظة على ثرواتها من الهدر، ولعل هذا المعنى موجود في علاقاتنا الاجتماعية بعدم اقراض الأشخاص المبذرين....

 مجلس الوزراء في قراره الأخير حاول أن يكون مناسباً باقتصار الزيادة على نوعية معينة من البنزين، قد لاتكون موضع استهلاك الفئات الفقيرة من أصحاب سيارات الأجرة مما يمنع زيادة أجور النقل، التي تزيد من أعباء كاهل الفقراء...، لكن في الحقيقة القرار سيؤثر في الطبقة الوسطى التي هي تقاوم من اجل عدم السقوط في براثن الفقر، خاصة وان تلك الطبقة تعاني من تحديات كبيرة تتعلق بعدم الاستقرار والرفاه الاجتماعي بسبب تذبذب أسعار الدولار وضعف القطاع الخاص وعمليات الاستثمار، فضلاً عن حرمانها من الحصة التموينية مما يشل قدرات تلك الطبقة، التي تعد مهمة واساسية في عملية النهوض الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والعلمي...

 اذا يفترض بالحكومات أن تواجه تلك الضغوط بسياسات لا تؤثر في مسارها الاقتصادي والتنموي عن طريق إيجاد بدائل مهمة بشأن تشجع المستثمرين وصناديق الإقراض والمانحين في تجنب تلك الشروط المؤثرة سلباً على مصلحة الافراد، خاصة ان النفط في طريقه إلى النضوب، والدعوة شديدة اللهجة للاستغناء عنه، قبل نضوبه، بسبب التغير المناخي الذي بدت آثاره مدمرة ومميتة، إذ يشكل النفط اكثر العوامل تسبباً للاحتباس الحراري، وبدأت العديد من دول العالم تفكر بالاستغناء عنه ووضع جداول زمنية للتخلص من 

استخدامه...

 للأسف ظلت ثروة النفط موضع هدر قبل سنة 2003 للحروب والقمع، وبعدها للفساد، ولم نستفد حتى من التأمين الالزامي على السيارات الذي فرض ضمن تسعيرة البنزين بغية تغطية تكاليف حوادثها، بل وظل البنزين بين الفينة والأخرى مهدداً لدخل 

المواطن.