تفكيك سلسلة الأزمات

آراء 2024/04/04
...

 محمد شريف أبو ميسم 


 اتسمت سلسلة الأزمات التي شهدتها وتشهدها البلاد منذ نحوعشرين عاما، بسمة التعاقب، حتى لكأن الشارع العراقي كان يطالب بفترات استراحة لالتقاط الأنفاس بعد نهاية كل أزمة، ومرت مراحل كان فيها الوعي الجمعي غير قادر على تفسير ظاهرة تعاقب الأزمات، مع أن عموم الآراء تتفق على أهمية الاعتراف بوجود هذه الأزمات وتعريفها وتحديد نوعيتها، ومعرفة أسبابها ومن يقف وراءها، وكيفية التصدي لها، بهدف وضع بروتوكول واضح للمعالجة، الذي يقتضي وبالضرورة وجود حكومة قوية تحظى بدعم شعبي وسياسي، ويكون من حسن الحظ أن تحظى بدعم دولي.

وهذا ما يبدو متحققا حاليا من سياقات الأحداث في هذه المرحلة، وعلى هذا، فمن الطبيعي أن تجد الحكومة الحالية نفسها في مواجهة حقيقية مع الأدوات والموجودات والكيانات الفردية أو الجماعية المنتفعة من الأزمات في الداخل العراقي والتي تساهم في ديمومتها ولا تريد الخروج منها، لأن الأزمات هي البيئة المناسبة لنموها وتكاثرها فضلا عن كون مناخها مناسبا لخلط الأوراق وتضليل الرأي العام وضعف السلطات، وهو الثالوث الذي اعتمد في سياسة لي الأذرع على مدار سنوات مرحلة صدمة التحول، من نظام استبدادي إلى نظام ديموقراطي تعددي منفلت حد الوقوع في تطبيقات نظرية الصدمة التي أوجدها الاقتصادي الأمريكي «ميلتون فريدمان» بشأن الانتقال بالمجتمع في الدولة الراعية من شكل النظام الشمولي إلى شكل اقتصاد

السوق. 

وبعد أن شهدنا المعطيات التي أشرنا لها بفعل المتغيرات الدولية، التي فرضت شكل التهدئة على المشهد العراقي منذ نحو أكثر من سنة، ودون الخوض في تفاصيل الأزمات التي تتم معالجتها حاليا بالطرق السياسية والقانونية والاجرائية، يمكن القول ان البداية حد اللحظة موفقة إلى حد ما، مع ملاحظة ان الارادات الدولية التي كانت تصنع مثل هكذا أزمات غير راضية عن الأداء الحكومي الحالي وخصوصا في ملف تواجد القوات الأجنبية، ما يبعث برسائل غير مطمئنة تتعلق بامكانية صناعة أزمات جديدة على مستوا يعرقل الأداء ويضع العصي في العجلة الحالية التي يبدو أن دورانها أزعج الكثير.

ليس لأن الملف الأمني وملف السياسة المالية والنقدية ما زالا بيد الارادات التي تحكمت بالمشهد وحسب، فضلا عن الملف الاستثماري الذي لا تقل أهمية عن تلك الملفات، بل لأن ملف الخدمات والحد من كثرة التجاوزات وملف انتظام حركة المرور واحترام القانون، ما زالا تحت تأثير ثقافة الاستقواء التي تدعمها وسائل الاعلام القادرة على مناقلة الرأي العام وتغيير وجهة الدعم الشعبي، بمجرد حصول متغيرات على الساحتين الأوكرانية والشرق أوسطية لصالح الارادات الدولية التي تحكمت بالمشهد على مدار عقدين من الزمن، وبناء عليه لا بد من الامساك جيدا بالملفات الداخلية وقطع الخيوط التي تحرك الدمى.