القاضي عبد الستار رمضان
الكرين هو رافعة ونوع من الآلات يستخدم أساسا لرفع أو خفض المواد أو الأشياء الثقيلة ونقلها إلى أماكن أخرى، ولهذه الأغراض يعتبر من الاجهزة التي تتطلب اجازة قيادة خاصة وخبرة في الاستخدام، لكن في العراق وفي إحدى مدنه أصبح للكرين وظيفة واستخدام جديد، ربما لم يفطن مخترعه لهذا الاستخدام أو المهمة الجديدة.
فقد سجل مشهد نقل مصاب في حادث سير لأحد مراكز الشرطة العراقية مشاهدات وردود فعل واسعة، بعد ان نقلت الاخبار طلب ضابط الشرطة حضور المشتكي شخصياً لتقديم الشكوى، رغم سوء حالته الصحية، مما اضطر والده إلى نقل ابنه المصاب بشاحنة «كرين» إلى مركز
الشرطة.
علي الشاب المصاب تعرض لحادث سير في أول أيام عيد نوروز، وكُسر أحد كتفيه وحوضه، وقد رفضت الشرطة تدوين شكواه طيلة خمسة أيام وطلبت حضوره امامها شخصياً «منذ يوم الحادث لم يقبل ضابط الشرطة تسجيل الشكوى، وكنت أرسل والدي لكنه لم يقبل تسجيل تسجيلها»، ويتساءل: «كيف أذهب إليه وقد ركبوا البلاتين لي؟ لماذا لم يحضر أحد من مركز الشرطة؟ ولا تتعدى المسافة 5 دقائق في حال جاؤوا لتدوين إفادتي».
والد المصاب قال لضابط الشرطة «ليست لدي سيارة سأنقله بـ(كرين). قالوا له: أحضره للمركز سواء بـ (كرين) أو طائرة، حينذاك فقط سأدون إفادته»، ويتساءل والد المصاب : أليست (الشرطة في خدمة الشعب)» و»ألا يفترض أن يخدموني بدل أن أخدمهم»؟
إصلاحٌ أمني
هذه الاسئلة وغيرها نتمنى أخذها بنظر الاعتبار في اجتماعات اللجنة العليا للإصلاح الأمني، التي يترأسها رئيس الوزراء محمد السوداني، والتي يتم خلالها استعراض تنفيذ الإصلاحات في القطاعات الأمنية، كجزء من متطلبات المنظومة الأمنية العراقية ومصادقتها على إستراتيجية إصلاح القطاع الأمني2024- 2032، التي تنص على إجراء إصلاح شامل للمنظومة الأمنية، بالشكل الذي يتوافق مع مقومات ومتطلبات الأنظمة الديمقراطية، في المساءلة والشفافية ومراعاة مبادئ حقوق الإنسان، وارتكازها أيضاً على تطوير القدرات، وتأكيدات السوداني، أن منهج الإصلاح في الأجهزة الأمنية جزء مكمل للإصلاح في باقي القطاعات الاقتصادية والمالية والاجتماعية.
حادث»الكرين» والشرطة في خدمة الشعب وخطة إصلاح الأجهزة الأمنية نتمنى أن تناقش وتقدم حلولاً للكثير من المواضيع مثل ترك المصابين والضحايا في الشوارع من دون تقديم اية مساعدة أواسعافات أولية لهم بسبب الاجراءات القانونية التي تجعل المُخبر أو الذي ينقل المصاب أول المشكوك فيهم، بل ربما متهم ان لم يكن بنظر القانو، فبنظر الاعراف العشائرية التي ابتلي بها المجتمع العراقي في السنوات الاخيرة.
ومراقبة وتفتيش مراكز الشرطة ومعاقبة المتجاوزين والمخالفين بالعقوبات الانضباطية والقانونية المناسبة، بما يردع السيئين ويعيد إلى الناس شعور الثقة والامن عند مراجعة هذه الدوائر، وعدم اصدار العفو عن هذه العقوبات عند حلول المناسبات والاعياد الدينية والتي اصبحت أشبه بالعرف، الذي يجعل الضابط أو منتسب الاجهزة الامنية والعسكرية يخالف ويعتدي ويهين المواطن، واذا ما تمت عقوبته فالعفو ينتظره في أول مناسبة أوعيد قادم.
ونؤكد ضرورة سحب سلطة التحقيق من الشرطة والاجهزة الامنية الاخرى واقتصار عملها على تنفيذ القانون لانها أجهزة تنفيذية، وحصرها بالمحققين العدليين فقط التابعين إلى مجلس القضاء والذين يعملون تحت توجيه واشراف القضاء والادعاء العام.