المنشطات حين تتحول الى قاتلٍ صامتٍ للشباب

ولد وبنت 2024/04/15
...

 كريم هاشم العبودي

استفحلت في الآونة الأخيرة في العراق ظاهرة تناول المنشطات من قبل بعض الشباب الرياضيين، لا سيما الذين يمارسون رياضة كمال الأجسام، والسؤال هنا ما هي الأضرار والفوائد التي تتركها هذه المنشطات على أجسام متعاطيها؟ عبر هذا الاستطلاع، نتعرف على الإجابة لتلك الأسئلة من قبل أصحاب الاختصاص، كذلك نحاور بعض الرياضيين الذين يتعاطونها.
يجيب الدكتور صالح مهدي الكعبي، أستاذ المناعة في جامعة صلاح الدين قائلاً: «في كثيرٍ من المسابقات الرياضيَّة الدوليَّة نسمع أنَّ هناك بعض اللاعبين تمَّ استبعادهم، وربما يتمُّ سحب الألقاب التى حصلوا عليها منهم بسبب اكتشاف تناولهم بعض المنشطات من خلال التحاليل المفاجئة التى تكشف ذلك، والحقيقة أنَّ استخدام هذه المواد المنشطة يمكن أنْ يعطي المتسابق قدرة تفوق قدرته وقوة احتمال وتركيز وانتباه أكثر مما تعطيه ميزة على ميزة من المتسابقين، الأمر الذي يجعل المنافسة غير حقيقيَّة وغير متكافئة على أساس القدرات الحقيقيَّة للاعبين المشتركين فيها، وذلك على الرغم ممَّا يسببه استخدام هذه المنشطات من مضاعفات مع تكرار استخدامها».

فرح وسعادة وهلوسة
ويضيف الكعبي: «من ضمن هذه المواد التي تستخدم لهذا الغرض (جاما هيدروكسى بيوتيراتGHB )، وهي مادة مثبطة للجهاز العصبي المركزي وتجعل متعاطيها في حالة مرحٍ وسعادة وربما هلوسة في بعض الأحيان، إلا أنَّها من خلال تأثيرها في إفراز هرمون النمو تستطيع أنْ تزيدَ من نمو العضلات وحجمها، الأمر الذي يشجع كثيراً الذين يلعبون رياضة كمال الأجسام على استخدامها، مع أنَّ مادة “جي اتش بي” كانت تعدّ في وقتٍ من الأوقات من المكملات الغذائيَّة وتباع في الأسواق المحليَّة، إلا أنَّ المجتمع الطبي اكتشف أضرارها وما تسببه من أعراضٍ جانبيَّة مثل الإحساس بالصداع والغثيان وربما في بعض الأحيان حدوث تشنجات وفقدانٍ للوعي وهبوطٍ حادٍ في الجهاز التنفسي، ويمكن أنْ يصلَ الأمر إلى حدوث غيبوبة، وهذه المادة توجد على شكل شراب وأحياناً على هيئة بودرة بيضاء تذاب في الماء أو في الكحول من أجل الحصول على الأثر المضاعف لها على الجهاز العصبي، وغالباً ما تستخدم من قبل طلبة المدارس والجامعات أو بواسطة الرياضيين من أجل بناء العضلات وزيادة حجمها في وقتٍ قصير، وفي خلال العقدين الماضيين بدأ استخدام مواد “الاستيرويدس” البناءة بواسطة الرياضيين في بعض الرياضات مثل رفع الأثقال وكمال الأجسام وسباق الدراجات من أجل الحصول على تأثيرها الإيجابي من حيث إكسابهم نشاطاً زائداً وشكلاً أفضل للعضلات والتكوين الجسدي”.

ضغط الدم وأشياءٌ أخرى
ويتابع : تعرف مادة «الاستيرويدس» البناءة بأنها أي مادة أو دواء أو هرمون بخلاف الاستروجين والبروجيستيرون والكورتيزون يمكن أنْ يساعدَ على بناء الجسم وزيادة حجم العضلات وتؤدي إلى الإدمان ومن ضمن الأدوية التي تنتمى إلى هذه المجموعة ديانابول - هالوليسيثين - ماكس بولين ديوررابولين - ديكاديورابولين - انافار- انادرول – وينسترول – التستوستيرون- « الهرمون الذكرى « – فيناجيت».
ويضيف «من ضمن الأعراض والمضاعفات الجانبيَّة التي يمكن أنْ تسببها هذه المواد ارتفاع ضغط الدم وارتفاعاً في مستوى الكولسترول في الدم، ما يؤثر في القلب والأوعية الدمويَّة، كما تؤدي إلى ظهور كمياتٍ كبيرة من حب الشباب في الجسم كله وسقوط الشعر والصلع المبكر، فضلاً عن فقدان القدرة الجنسيَّة وضمور الخصية».
ويسترسل بالقول: «كما تؤدي إلى كبر حجم الثدي لدى الرجال وفي النساء ظهور عضلات تشبه عضلات الرجال وظهور شعرٍ كثيفٍ على الجسم وغلظة الصوت وصغر حجم الثدي لدى النساء واضطراب في الدورة الشهريَّة والمشكلة أنَّ كثيراً من هذه الأعراض لا تعود إلى طبيعتها بعد التوقف عن تعاطي الاستيرويدس».

مواد محظورة
أما الدكتور أحمد الكبيسي رئيس لجنة الكشف عن المنشطات باللجنة الأولمبيَّة العراقيَّة، فيقول: إنَّ «معظم لاعبي كمال الأجسام يتناولون المنشطات»، مؤكداً «اعتراف الكثير من اللاعبين له بتعاطيهم موادَّ محظورة لزيادة كتلتهم العضليَّة»، وعزا سبب إقدام أغلب اللاعبين على تناولها، إلى رغبتهم في سرعة بناء عضلاتهم بفترة زمنيَّة قصيرة من أجل المنافسة في البطولات، فما يبنى في ثلاث أو أربع سنوات، يسعون إليه في سنة واحدة».
وأكد الكبيسي أنَّ «بناء العضلة يمكن أنْ يتمَّ من خلال التمارين الرياضيَّة غير التقليديَّة والتغذية السليمة، وهو يحتاج إلى الصبر والعزيمة والإرادة، أما تعاطي بعض المنشطات فإنَّه يتسبب بمضاعفات صحيَّة، فضلاً عن أنَّه يسيء إلى سمعة اللاعب».
وبين الآثار السلبيَّة لاستخدام المنشطات على صحة اللاعب، مشيراً إلى أنَّ «لكل منشط أضراراً معينة، فالمنبهات العصبيَّة مثل الفيتامين والكافايين والكويين تسهمُ في زيادة ضغط الدم ودرجة حرارة الجسم والإدمان، وقد تؤدي إلى الموت، وهناك مسكنات مخدرة مثل الكوديين مورفين وميثادون وديامورفين تؤدي إلى التقيؤ والغثيان وفقدان التركيز والتوازن، وهناك أيضاً الهرمونات البناءة ولها تأثيرٌ كبيرٌ في التوازن الطبيعي في الجسم وتزيد مخاطر أمراض الكبد وأمراض القلب، فضلاً عن الكثير من المواد المنشطة التي يطول بنا المقام لو ذكرنا مضارها كلاً على حدة، فلذا ننصح الشباب بعدم تناولها والابتعاد عنها تمامًا تجنبًا لمضارها
المميتة».
نصيحة وتحذير
في حين عبر محمد قاسم (أحد أبطال العراق برياضة كمال الأجسام)، عن رأيه بهذا الموضوع قائلاً: «بالنسبة لي فأنا لا أنصح الشباب باستخدام هذه المنشطات والهرمونات بشكل عشوائي لأنها تمثل خطورة كبيرة، ويكفي أنْ نعلمَ أنَّ الكثير من الرياضيين العراقيين قد أصيبوا بالكثير من الأمراض السرطانيَّة وتلف في العضلات نتيجة الاستخدام الخاطئ لتلك العقاقير لا سيما الرياضيين الذين يمارسون لعبة كمال الأجسام وهي لعبة صبر
وعزيمة.
وتتمثل في الغذاء السليم والتدريب الشديد، وذلك يعدُّ سرَّ نجاح الأبطال؛ لأنَّ العضلات تتكون نتيجة التدريب لمدة زمنيَّة طويلة قد تصل لعامٍ أو أكثر، ويجب ألا ينجرف الشاب إلى تكوين عضلات بسرعة خلال أسبوعين جراء استعمال المنشطات والهرمونات، لأنَّ أضرار هذه العقاقير قد تصل لحد الإصابة
بالسرطان».