تنمية الثروة الحيوانية

اقتصادية 2024/04/15
...

وليد خالد الزيدي

يمتلك العراق ثروةً حيوانيَّة كبيرةً ومتنوعة بسبب اتساع أراضيه وكثرة مراعيه وتعدد المصادر الطبيعيَّة للمياه وتطور وسائل إدارتها بشكل منهجي وتقدم علم البيطرة للاعتناء بصحة الحيوانات وبكوادر متخصصة، إذ تعتمد زيادة أعدادها على وسائل مختلفة منها المساحات الخضر ونوعية نباتاتها لتكون أعلافاً غنية بغذاء تلك الثروة وجودة الحيوانات والغرض من رعايتها أو تربيتها ومدى استخدام السلالات المفضلة ذات القيمة الغذائية التي يمكن أن تستجيب لأغراض تنميتها وإدخالها كأحد عوامل الاقتصاد الوطني الشامل سواء كان إنتاجها للحوم أو للحليب أو لكليهما أو بيض التفقيس أو المائدة بالإضافة إلى منتجاتها الثانوية كالأصواف والجلود ومواد أخرى تترتب تبعاً لها القيمة المادية لتلك الثروة.
برزت الحاجة في الآونة الأخيرة إلى ضرورة تنظيم عمل الثروة الحيوانية إثر ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والأسماك والدجاج والبيض وبسببه تم استيراد كميات كبيرة من العجول واللحوم المجمدة من الخارج لسد الحاجة المحلية فأثقلت البلد بتكاليف إضافية ما أشر معطيات جديدة وواضحة لتنميتها بشكل أمثل ينم عن إدراك حقيقي لأهمية استثمار جميع مقومات النهوض بها محلياً وعدم التفريط بفرص تطويرها بشكل أكثر تخصصاً في البلاد وضرورة إدارتها على مستوى وزارة كما معمول به في دول عدة لديها ثروة حيوانية ضخمة لاسيما أنَّ العراق يمتلك منذ القدم الموارد الطبيعية للتغلب على كل مشكلاتها كالأرض الخصبة ومساحاتها الشاسعة لتكون مراعي خضراء وأجواء درجات حرارتها بمعدلات يمكن أن تكون مناسبة في بعض المواسم.
أما قضية تأمين المياه ومدى كفايتها لإقامة مشاريع الثروة الحيوانية فيجب أن تدار بشكل علمي ومدروس وتضافر الجهود على مستوى السياسات العامة للبلاد ووزاراتها ومؤسساتها لترتقي بالعلوم الأحيائية وانضباط قوانينها الداخلية وتوجيهها في مصلحة رعاية الحيوان والأسماك والطيور باعتبارها ثروات وطنية وملكاً للمجتمع لا يمكن التفريط بها أبداً بالإضافة إلى وجود الكوادر البشرية الإدارية والفنية المتخصصة في تعزيز تلك الثروة من أكاديميين وخبراء وأطباء بيطريين وتجار المشاريع الخاصة ومربّي وأصحاب حقول الماشية والدواجن وبحيرات الأسماك وأيد عاملة كثيرة.
ومن أهمية الذكر أنَّ نجاح عمل تنمية الثروة الحيوانية يتطلب برامج وطنية وخططاً هادفة مع أهمية وجود قاعدة بيانات توزيع الثروة الحيوانية في مناطق العراق وحصرها وتحديد المراعي الطبيعية للتغلب على مشكلة ارتفاع أسعار الأعلاف ومكوناتها عالمياً ونحن على أبواب إجراء التعداد العام للسكان من قبل وزارة التخطيط ليوفر أرقاماً حديثة تتعلق بقواعد بيانات وإحصائيات للقوى البشرية والإمكانيات المادية والأحيائية الأخرى لتنفيذ الخطط التنموية ومقررات البرامج الحكومية فضلاً عن أهمية تجاوز ظاهرة التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة الذي تسبب بإيجاد مناطق جديدة جاذبة وناقلة للأمراض من خلال زيادة وعي المربين بأساليب الرعاية التي تناسب تحسين سلالات قطعان الماشية العراقية وإنتاج الألبان واللحوم ذات القيمة الغذائية الجيدة المتأقلمة مع الظروف المحلية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل فجوة الاستيراد وتدعيم ورفع مستوى معيشة العاملين في هذا القطاع والاهتمام بالصحة والرعاية البيطرية والرقابة البيئية.
لابد من قيام الدولة بتفعيل العلوم الخاصة بالثروة الحيوانية وحمايتها بقوانين وتشريعات والحرص على تثقيف المواطنين على تطبيقها وطرق الاستفادة منها وتطوير المختبرات والعلاجات وتخصيص الأموال لها وفتح دورات لتنشيط العاملين بتنمية تلك الثروة ومساهمة المنظمات المعنية فيها لتكون رافداً اقتصادياً وتنموياً للبلد.