لوحة أثريَّة نابضة بالحياة وسط ركام بومبي

بانوراما 2024/04/16
...

  سامانثا فرانكو

 ترجمة: شيماء ميران

يعرف الجميع قصة المدينة الرومانية «بومبي» التي تدمرت عقب ثوران بركان جبل (فيزوف) في العام 79 ميلادي، حيث غطّت الحمم المقذوفة منه المدينة بالكامل. فقد عثر علماء الآثار في هذه المنطقة على كنوز مخبأة تحت الانقاض اثناء قيامهم بأعمال التنقيب المستمرة في الموقع. ومن بين هذه الكنوز لوحة جدارية ذات ألوان زاهية تبدو وكأنها معلقة على الحائط.

فقد كشفت مؤسسة (حديقة بومبي الاثرية)، وهي إحدى المؤسسات المدعومة من الحكومة والتي تدير الموقع وحفرياته، عن اللوحة الجدارية النابضة للحياة في غرفة «ليدا» (المعروفة بأنها إحدى الأميرات الايتوليانية في الاساطير اليونانية، والتي أصبحت ملكة إسبارطة لاحقا)، وكانت اللوحة قد احترقت تحت سيل من مواد الحمم البركانية الناجمة عن ثوران بركان جبل «فيزوف». ونظرا لعمرها، فهي محفوظة بشكل جيد وعلى نحو كبير.

ويبدو أن اللوحة الجدارية التي رسمها الرسام على نحو تظهر فيه وكأنها مؤطرة بذاتها، ومعلقة على جدار أصفر فاتح. وعلى الرغم من أن القطعة في حالة جيدة لكنها ليست سليمة بالكامل، فالزاوية اليمنى العليا منها مفقودة إضافة إلى تشققين اثنين في وسط اللوحة، ومع ذلك فما تبقى منها يبدو رائعا حقا.


اسطورة فريكسوس وهيلي

تقول الدكتورة «صوفيا هاي»، عالمة الآثار البريطانية التي تعمل ضمن مؤسسة (حديقة بومبي الأثرية) واصفة الاكتشاف: «إنها لوحة ساحرة، فمشاهدة الألوان النابضة بالحياة بالنسبة للوحات الجدارية التي يتم اكتشافها حديثا هي امتياز ومتعة لا تتلاشى ابدا». وعن اللوحة الجدارية ذاتها، تقول: «إن رؤية الاكتشاف الاخير تمثل مشهدا اسطوريا ضمن الغرفة التي لا تعد استثنائية بزينتها، حيث يظهر فريكسوس في اللوحة راكبا على ظهر كبش بينما يحاول انقاذ اخته هيلي من الغرق».

تعبر اللوحة الجدارية عن قصة من الاساطير اليونانية، إذ تُظهر التوأمان «فريكسوس وهيلي» وهما ينتقلان عبر البحر على ظهر كبش ذي صوف ذهبي خلال مرحلة فرارهما من زوجة أبيهما، فيظهر «فريكسوس» جالسا على ظهر الكبش، فيما تحاول أخته النجاة وتكاد تصل إليه بعد سقوطها من المخلوق الاسطوري.

تتحدث الاسطورة عن قصة التوأمين واكتشافهما لمحاولة زوجة ابيهما «إينو» قتلهما، فيضطران للفرار منها، فيركبان الكبش الاسطوري الذي يتمتع بقدرته على الطيران والسباحة أيضا، لكن «هيلي» تسقط من ظهر الكبش اثناء عبورهما مضيق (بوستهيلي- حاليا: الدردنيل)، بعد محاولاتها بالوصول إلى اخيها فريكسوس لكنها لا تتمكن من النجاة وتغرق في النهاية. ثم يصل «فريكسوس» إلى منطقة تُدعى «كولشيس»، فيضحي بالكبش إلى الإاله «زيوس»، الذي يقدم بدوره الكبش هدية إلى السماء كذبيحة، وبشكل بذلك مجموعة من النجوم.


بيت ليدا

ومع أن الاكتشاف بحد ذاته يعد مذهلا، إلا أنه ليس من المستغرب العثور على هذه اللوحة في بيت «ليدا»، الذي بدأت اعمال التنقيب فيه منذ وقت مبكر من القرن الثامن عشر ثم توقفت، واستؤنفت مرة أخرى خلال العام 2018. ونظرا لكون الموقع مشتهرا برسوماته الجدارية المعقدة فيبدو أن من الملائم العثور على هذه اللوحة الرائعة ضمن موجوداته.

قدم الدكتور «اندرو سيليت»، وهو محاضر باحث في القطع الأثرية من جامعة اكسفورد، تذكيرا بأنه ليس كل قطعة فنية في المنزل تصور المشاهد الملحمية ذاتها لمثل هذه اللوحة الجدارية. ويضيف الباحث «سيليت» بأنه: «يتم الترحيب بالزائرين في مدخل القاعة بلوحة كبيرة تُصور «بريابوس»، إله الخصوبة الاسطوري اليوناني الريفي الصغير، وهو يحمل مجموعة من الموازين لمعرفة محصول ذلك العام، وهو موضوع يختلف بفرق شاسع عن لوحة «فريكسوس وهيلي».

ويسعى خبراء البحث الآثاري للبحث عن لوحة جدارية جديدة تُعرض أمام الجمهور في قاعات المشاهدة.


عن ذا فينتج نيوز