حرية الاجتماع والتظاهر السلمي في العراق

آراء 2024/04/17
...

زهير كاظم عبود

نصت أغلب دساتير الدول الديمقراطية على حق المواطن بالاجتماع والتظاهر السلمي، ولإضفاء نوع من التوافق العالمي لهذا الحق ضمن بقية الحقوق، فقد نصت عليها لائحة حقوق الانسان التي تلتزم بها جميع الدول الأعضاء، ويعبر التظاهر السلمي عرض حالة امام السلطات المعنية بأسلوب قانوني، بعد أن وجد المواطن أن صوته المطالب بحق يعتقده لم يصل إلى السلطة المختصة، فبادر لإيصال هذا الصوت بطريقة حضارية وديمقراطية ودستورية.

لم يكن اعتباطا ان تنص الفقرة ثالثا من المادة (38) من الدستور العراقي على حق التظاهر السلمي وحرية الاجتماع، وتلتزم الدولة بما لا يخل بالنظام العام والآداب على تمكين المواطنين ممارسة هذه الحريات، وحماية الافراد الذين يمارسونها من أي فعل تعسفي أو ما يمنعهم من ممارسة هذا الفعل.
وضمن فصل الحريات التي نص عليها الدستور وكفلتها القوانين العراقية، لا يمكن تقييد أو تحديد أي من هذه الحريات والحقوق الا بناء على قانون ينص على ذلك، وان لا يمس هذا التقييد والتحديد جوهر الحق أو الحرية، وحرية الاجتماع تعني حق الافراد في التجمع السلمي وعقد الاجتماعات والندوات والفعاليات والاحتجاجات، ما دامت ضمن الاطار السلمي للفعاليات، وبهذا الشكل فان هذا الحق يتطرق ليس فقط إلى حق المواطن بالتظاهر السلمي بل ينسحب إلى واجب السلطة المختصة بالاستماع إلى هذه المطالب والاحتجاجات والبحث عن حل لها.
لكلِّ فرد الحق في حرِّية التجمّع السلمي وتكوين الجمعيات، وهذا الحقّ مكوّن أساسيّ للديمقراطية.
ويشمل الحق في التجمع السلمي الحق في عقد الاجتماعات والاعتصامات والإضرابات والتجمعات والفعاليات والاحتجاجات، سواء عبر الإنترنت أو في الحياة الواقعية.
ويشمل الحق في حرية تكوين الجمعيات حق الأفراد في التفاعل والتنظيم في ما بينهم للتعبير الجماعي عن المصالح المشتركة وتعزيزها والسعي إلى تحقيقها والدفاع عنها.
ويشمل أيضًا الحق في تشكيل نقابات عمالية.
وتشكّل حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات أداة لممارسة العديد من الحقوق الأخرى التي يكفلها القانون الدولي، بما في ذلك الحق في حرية التعبير والمشاركة في إدارة الشؤون العامة.
وتحمي المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات.
ولما كانت حرية الانسان وكرامته مصونة دستوريا ووفق القوانين، وبالتالي فإن اي مساس وباي شكل كان بهذه الحرية يشكل خرقا قانونيا يوجب تحميله المسؤولية، وضمان صيانة ممارسة هذه الحرية تقع على عاتق كافة السلطات، وبشكل خاص على السلطتين القضائية والتنفيذية، لان ممارسة حق التظاهر السلمي يشكل تعبيرا ملموسا من تعابير الحرية القانونية مادام تتم ممارسته وفقا للقانون وبالشكل السلمي الذي لا يسبب أي خرقٍ للقانون، ولأن ممارسة مثل هذا الحق تتم ممارسته كمظهر من مظاهر المطالبات الشعبية، والتي في اغلب الحالات يقوم بها اعداد من خريجي الكليات والمطالبين بحقهم في الحصول على عمل أو وظائف، باعتبار أن تكافؤ الفرص حق مكفول لجميع العراقيين، وعلى الدولة العراقية أن تتخذ الإجراءات القانونية الازمة لتنفيذ لك، أو مساواتهم بأقرانهم من المتخرجين من الكليات أو الجامعات نفسها باعتبار انهم متساوون مع غيرهم من العراقيين دون
تمييز.
ولإضفاء حصانة وحماية لممارسة هذه الحرية على الوجه القانوني السليم، نص الدستور على تنظيمها بقانون، وهذا القانون يضمن النظام العام وحماية الامن الداخلي والآداب العامة التي يلتزم بها المجتمع عرفا أو قانونا.
ان تقييد هذه الحريات أو التصدي لها بأساليب العنف أو الايذاء أو التعنيف أو بالكلمات الخادشة يشكل تقييدا ومنعا لممارسة هذا الحق، ويستوجب على الادعاء العام باعتباره ممثلا امينا على الحق العام وعلى السلطة التنفيذية أن تبادر إلى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، بحق العناصر التي تمارس تلك الأفعال التي يعدها القانون من الجرائم التي يعاقب عليها، وان تظهر الدولة بمظهر المتمسك حقا بنصوص الدستور وامينة على تطبيق القوانين خصوصا في هذا الجانب، وحيث تواجه التظاهرات والاجتماعات التي تقوم بها جماعات لا تجد لها أسلوب لإسماع صوتها سوى طريق التظاهر السلمي بأساليب مخالفة للقانون، ودون ان نلمس ردعا أو معاقبة لهذه العناصر، وحتى تكون عبرة لغيرها من العناصر التنفيذية، التي لم تستوعب حتي اليوم ان في العراق دستور وقوانين تحكم افعالنا وتصرفاتنا وتحمينا.
من المهم جدا ان تبدا السلطة التنفيذية بنشر ثقافة حقوق الانسان بين العناصر المسؤولة عن حماية التظاهرات والاجتماعات السلمية، وان ترفع مستوى المسؤولية والوعي لتطبيق هذا الجانب، وحتى لا تبقى النصوص الدستورية على الورق فقط، ان اتفقنا جميعا على ان يكون لنا عراق يحكمه القانون وتمارس فيه
الحريات.