قسوة الرأسماليَّة

آراء 2024/04/17
...

كاظم الحسن

لا بد من الاعتراف، بأن الرأسمالية طبيعة انسانية، تميل إلى التملك والانانية، والجشع والهيمنة، وهذا الشيء يمكن تلمسه في مناحي الحياة، عند الاختلاط مع الاثرياء وهم ينظرون بتوجس وريبة إلى كل إنسان غريب أو فقير.
ولو أخذنا زعيمة الرأسمالية، الولايات المتحدة الاميركية، كنموذج نرى أن الهجرة الغربية، لها حدودها مفتوحة، وتحديدا الأوائل منهم ونعرف أن الاستيطان في هذه البقعة، كان على حساب الهنود الحمر، الذين رحلوا عن ديارهم، بشكل قسري، وتم تقييدهم في مجمعات سكنية عنوة، تحت مسمى تمدينهم أو نقلهم إلى حضارة الرجل الابيض ونفس العنوان، برر المستعمر احتلاله، للدول المستضعفة وفوض نفسه وصيا عليها.
أسوأ ما يكون، عندما يتكلم المنتصرباسم المهزوم، أي أنه الخصم والحكم وهو ينهب ثرواته، وهذا يعبر عنه مثل افريقي أبلغ ما يكون، «عندما جاء الرجل الابيض إلى افريقيا وبيده الانجيل.
وبعد عقود قليلة، أصبحت الأرض للرجل الأبيض، والإنجيل للزنجي «.
وحتى الاستشراق لا يخلو من الشبهات. وقد تكلم ادوارد سعيد كثيرا في كتابه الذي يحمل ذات العنوان وهو الاستشراق، ويتكلم عن الشرخ الحاصل بين الشرق والغرب.
والتنوير بدءا من الغرب عبر عبر الفلاسفة والمنظرين في علم الاجتماع والعلوم السياسية والطبيعية، مثل جان جاك روسو وفولتير وكارل ماركس وهيغل، وكانت وغاليلو وكبلر والكثير منهم في هذا المجال إلا أن السياسة الاستعمارية حوَّلت الانجازات، إلى أدوات للهيمنة وامتصاص ثروات الشعوب، تحت عنوان مريب ومشبوه، وهو الوصاية والقيمومة على هذه المجتمعات، والمبررات هي ساذجة ولا تملك المصداقية، ومنها ان هذه الامم لا تمتلك النضج والقدرة على ادارة نفسها، إلا من خلال الغرب وهي اكاذيب لا تنطلي على أحد.
وحتى الصراعات العسكرية في الوقت الحالي هي نتيجة تقاسم الغنائم بين القوى العظمى المنتصرة، في الحرب العالمية الثانية وتدفع الثمن الشعوب المقهورة أو المغلوب على أمرها. والمصيبة الكبرى ان العسكر هو من تولى سيادة الشعوب بعد التحرر من الاستعمار، لتدخل في صراعات داخلية وخارجية، ليس لها نهاية وكأن القوى الاعظمى، اردت ان تخرج من الباب، لتعود من النافذة عبر تسليح الانظمة المستبدة، لتكون رهينة لها إلى امد بعيد وهذا ما حصل بالفعل وحتى ما يسمى بالربيع العربي، أو الفوضى الخلاقة، كما يحلو لوزيرة الخارجية الاميركية السابقة غوندليزا رايس أن تصفه بهذه الصورة الغرائبية على انه مستقبل زاهر للشعوب المقهورة، التي كانت تأمل في التحرر من أصفادها، ولكن ما حدث هو العكس تماما وهو ما يطرح اسئلة كثيرة، عن هذا الموضوع ومنها هل ان هذه الشعوب كانت مستعدة وناضجة لاستقبال الحرية أم ان ذلك رهين بإرادة القوى العظمى؟. المشكلة ان الدول التي مرت، بهذه التجربة لم تخرج منها دولة عربية معافاة وقادرة على تلمس الحرية أو الديمقراطية أو تنهض من سباتها.