كوكب حمزة.. غياب يرينا مجد اكتمال النقصان

ثقافة شعبية 2024/04/18
...

 رياض النعماني

وهكذا لا يكتمل نقصان الحياة الا بهذا الغياب الذي يضيء المعنى، غياب الكوكب الذي يشعل في مرايا المبنى حرائق لا تنطفئ، تجدد فضاء الابجدية وتبتكر لها بستان حروف تمنح الرؤية ممكنات وابعادا وحدوسا توسع افق هذه الرؤية، وترفعها الى سماوات رؤية تحوِّل  وتغيِّر مسار عادات القراءة.
والمعاينة والمقاربة المعرفية وتذوق الحقائق، التي استحالت بهما وبلهب نارهما الحديثة الى نصوص وبنيات لحنية وسرديات لا تتوقف عند حدود الألفة والمعروف، بل انصهرت في حركة ثقافية فكرية تجاوزت أطر العاطفة ومجرد المشاعر الى نظرة  جذرية عميقة للانسان واشكالياته وتساؤلاته، التي دفعت حدود الوعي الى مسافات كشفت لنا أرض المعرفة والهموم الجديدة 

للكائن الجديد الذي لا يريد لنفسه الا تجديد ليس الماء الذي يدخله فقط بل  جوهر النهر 

ذاته.

 مجدا لهذا الغياب الذي يرينا مجد اكتمال النقصان.

ايها العمر كن رفيقا بصاحبك... ويا ايها التعب المر الطويل أعدّ وجع السفوح لورد اعراس ما كانت ولن تكون الا درجا صاعدا بفتنة الألم، حتى نهايات ذرى ظلت شاهدة على هباء لم ينقطع يوما عن تزويد  البداية بصراخ غربة لا تنتهي، بغير هذه النهاية التي تضع الآن جسد كوكب حمزة في اول 

التيه (والقلب جا  وين 

أضمه.)

وهنا يداهمني الزمن في بداية سنوات السبعينيات الماضية.. سعدون جابر زهرة الاغنية الجديدة، التي زرعها كوكب في بستان أراد له ان يفتح الينابيع على زبرجد صوت جديد.. سعدون  هيّأ الوقت بعناية المحب لموعد في شقة بشارع الرشيد (كوكب وهو وانا)، فكان كل شيء يُخلق مرة اخرى بقوة الحلم ورغبة التجديد.... ومضت الرغبة الجمعية نحو نسيم سيكون اغنية عذبة اللحن سيكتبها الولد الصغير رياض (أصبغ هدومي بداره)، ويغنيها الولد الآخر سعدون 

جابر. 

والآن أرى وبكامل الروح المفجوعة الى تلك الأيام التي تلوح وتصافح هؤلاء الثلاثة، وقد صاروا الآن اثنين يترصدهما غياب لم يغب يوما عن حياتهما، التي كانت ولا تزال بردا ومنفى في منفى ووطن منفي على الدوام اسميناه رغم كل الجروح، والخسارات الدامية (بساتين 

البنفسج).

وهنا تصيخ الروح الى أنين أصم:

الليله وحدي 

البارحه 

 جني إكبرت مليون عام 

    ومدري يا روحي إشكثر  جم دهر،

      جم دنيا عشت،

  ومن إرجعت.. محّد

    عرفني 

   ومعرفت حتى آنا روحي.. من عبرت الناس

  وآنا بغيبتي تايه ووحدي

   اليوم وحدي

ياحزن جلجل عليّ إشما 

  تريد... وما يهم

  يا هالوجع، اتريد كبلي

   إتريد بعدي، 

إندفن وجهي الميت الممحي أبملايين الحفر 

  والدمع

     والهم

            والتجاعيد

    الزرك والسود،

   جن وجهي مدينة ليل

والطوفان هَدْ كلشي ومحاها

 العالم المهدوم صَبّحْ 

   ما لكاها 

الأغنية الترفة الحزينة ضاعت وضيّع نداها،

زيدي والتمي علي من كل جهه يجروح.. هبّي بكلشي عندج من عصف

  واخيول 

      واهموم

         وعذاب، ونار

 لتكولين : هذا اهنا حدّي

  بيدي طفّيت الشموع

  الروح

   والدمعات،

   وبحزن الظلام 

           الليله وحدي.