كوكب يضيء المعنى في بساتين البنفسج

ثقافة شعبية 2024/04/18
...

 سعد صاحب

أنغام كوكب حمزة تخرج من ضمير مهموم بالحب والوطن والاصدقاء والسياسة واللاهوت والامل، وبكل شيء له صلة قوية بالارض والتراب، وكل من عاش اجواء الغربة والحنين والخذلان والابتعاد، وعندما يحن لا ينسى، ان الموسيقى وسيلة عبادية اعتمدتها الحضارات القديمة في المعابد، للتقارب بين الاديان وعموم البشر المحتاجين الى آلهة  تساندهم في الظروف 

الصعبة. 

وهو صاحب موهبة عالية في اللحن وابتكار الجديد، وهذه الصفة لا يمتلكها الا القلائل في العراق من اصحاب التجارب الابداعية المتشعبة، ومن خصهم الرب بهذا الامتياز، بعدها جاء دور الصقل والتدريب والتمرين والحفظ والاصغاء، وعدم نسيان الافكار الملهمة المرتبطة بهذا الجو الانساني الحميم.  (انته كل عمرك تراتيل وزغاريد ومقامات ومزيقه/ يا ضميرك ابيض بلون الثلج لون المحبه/ شايل بروحك ولايه/ شايل هموم الوطن والناس وجروح الاحبه/ ما نسيت الكاع والجيران وخيوط الشمس لحظه ودقيقه/ عندك العمال رايه/ عندك الضحكه الجميله وفرحة الاطفال غايه/ عندك جفوف الفلح اجمل 

حقيقه).


عزاء 

الموسيقى ذوق وحكمة ولغة وعاطفة وغذاء وجمال، وغاية الملحن ايقاظ الاحساس الداخلي الذي يعيش في سبات عميق، والموسيقي الجاد يعزف على اوتار قلبة الحان الخلود، وتوأم الانغام صوت يداوي الجراح، وكلمات صاغها ماهر خبير بالمعاني الدفينة، وقدمها لجمهور ملهوف لسماع الغناء 

الاصيل. 

والراحل طوال مسيرته الفنية لم يقدم لنا سوى الالحان الرقيقة، التي ترتقي بعواطف الناس، وتدفعهم صوب فعل الخير والعطاء والفضيلة، وتمنحهم الكثير من الطاقة والقدرة والتصميم لتجاوز العثرات والاخطاء والمصائب، فهي من جانب تدعو الى التفاؤل، ومن جانب تراها تتكلم  عن الحزن والقهر والظلم 

والعزاء. 

(هاي الحانك تظل للدوم عذبه/ نور للوادم تشع مثل المرايه/ جنهه واحه من الورد گد ما رقيقه/  تبقى للحاير هدايه/ تبقى للشاعر غوايه/ تبقى للساحر هوايه/ تبقى للمجروح والمهموم والمحتار محبوبه وصديقه). 


ايقاعات بصرية 

التمرد والفوضى والنفور والعبث والاعتراض، والشكوك بكل السلطات الحاكمة، قاده لرفض القوالب الموسيقية الجاهزة، وراح يبحث عن المختلف المثير لحساسية المتذوقين، ومنذ بداياته المبكرة اثبت امكانية غير تقليدية، في هذا المجال المتجدد باستمرار، ومن المعروف عن الموسيقى انها كائن حي لا يموت، ومن المستحيل الاستغناء عن هذا السحر اللذيذ، الذي يدب باجسادنا المتعبة، فيهزها ويحركها ويدهشها ويمطرها، بالغريب النافر عن السياق، وبخلطه عجائبية من اللامألوف النغمي، وبالايقاعات البصرية 

الصاخبة.

(هاي الحانك علايم/ بيهه كل مفتون هايم/ كل لحن يعني مدار/ كل لحن يعني مسار/ كل لحن اسرار من حبنه يبوح/ كل لحن غيمه ممطره بيوم حار/ كل لحن مثل الشمس والكون غايم/ والعطر من الوتر يبقى يفوح/ احنه كل احنه تجي ساعه ونروح/ بس تظل بين السمه والگاع روح ما تموت وكل وتر يعزف اغاني الشوگ 

دايم).


الفن الرفيع 

اغلب الاغاني التي لحنها لأرقى المطربين والمطربات، كانت زاد الفقراء الروحي في رحلة الشقاء الطويلة، واناشيد وطنية تهز ضمير العالم الخائن، المليء بالحروب والدسائس والموت والجوع والخراب. هو واحد من عمالقة اللحن العراقي الاصيل، منح الفن الرفيع اعمالا ما زالت طرية في الذكراة، ومن ينسى طيوره المحلقة، في سماء من اللذة والاوهام والارتباك 

والنعاس ؟ 

ومن لا يتذكر مكاتيبه الفواحة بازكى العطور الطيبة ؟ ومن لا يتأمل في محطاته الخالية من المسافرين ؟ ومن لا يصغي لصراخ انسانه المقهور ؟ وهو يصيح بالحبيبة انتظري، وهو يغرق في ماء الحنان الذهبي بفرحة وانتشاء.(ذيج يا عيني طيورك/ شايله وياهه السلام/ ذيج  مو بهداي سرعه/ خفگة اجناح الحمام/ والمحطات الغريبه/ لا عرف بيهه ولا خلان لا ضحكة حبيبه/ ضيع الملهوف داره وضاع من كثر الظلام/ اخ يا دارات اهله/ اخ يا روجات دجله/ اخ يا شهگة نهر مطموم ما يطلع نحيبه/ من يروح بعيد عن دار الحبايب/ ما ترده اردود بس ريحة گصايب/ بس هوى الناس 

اليجيبه).