أبدى العراقُ اعتراضه على البيان الختامي للقمةِ العربيةِ الطارئةِ التي عُقِدتْ في وقت مبكر من فجر أمس الجمعة في مكةَ َالمكرمةِ بدعوةٍ من المملكة ِالعربيةِ السعودية، بينما أكد رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح خلال كلمته في القمة أن “أمننا مشترك ومتلازم على صعيد المنطقة، وان العراق يدعم سيادة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية”، مبيناً أن “العراق سيبذل اقصى جهده ويفتح باب الحوار البناء لإنهاء التوتر في المنطقة”.
وقال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في بيان بث على الهواء مباشرة: إن «العراق يعارض البيان الختامي الصادر عن القمة العربية الطارئة في مكة المكرمة، الذي اتهم إيران بالتدخل بشؤون الدول الأخرى».
وأضاف أبو الغيط، أن البيان العراقي بهذا الصدد ورد فيه (في حين أن العراق يعيد التأكيد على استنكاره لأي عمل من شأنه استهداف أمن المملكة، وأمن أشقائنا في الخليج، أود التوضيح أننا لم نشارك في صياغة البيان الختامي وأن العراق يسجل اعتراضه على البيان الختامي في صياغته الحالية).
إلى ذلك، حذّر رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح خلال القمة، من اندلاع حرب شاملة في المنطقة في ظل استمرار الأزمة مع إيران، داعياً «الجيران والحلفاء» إلى دعم استقرار العراق باعتباره استقراراً لكل المنطقة.
وقال صالح في كلمته التي ألقاها في القمة العربية الطارئة في مكة: إن «الاجتماع يأتي في ظروفٍ بالغةِ التعقيد، وإن حالَ منطقتِنا اليوم ليس أفضلَ من الأمس، حيثُ تمر دولٌ عديدةٌ في العالم العربي بتحولاتٍ عصيبة»، مشيراً إلى الأزمات التي تمر بها البلدان العربية في الجزائر واليمن والسودان وسوريا وليبيا وفلسطين، وأضاف، «لا أنسى- بالطبع– بلدي العراق، فعلى الرغمِ من التقدم الحاصل والتفاؤلِ السائدِ، إلا انني أؤكد لكم لا تزال امامنا تحديات خطيرة».
وتطرق الرئيس صالح إلى أوضاع المنطقة بسبب الأزمة الأميركية الإيرانية، وقال: إنه «في خِضَمِّ هذا الوضع المتأزم و التطورات المتلاحقة، وفي بيئةٍ دوليةٍ وإقليميةٍ محتدمةٍ بالاضطراباتِ والأخطارِ، نشهدُ تفاعلَ أزمةٍ إقليميةٍ ودوليةٍ أمامَ أعينِنا، تنذرُ بالتحولِ الى حربٍ شاملةٍ لا تبقي ولا تذر، إنْ لم نحسنْ إدارتَها، فإننا سنواجهُ حينئذٍ خطرَ مواجهةٍ إقليميةٍ ودوليةٍ وقد تجرُّ على بلداننا الويلاتِ والوَبال».
وأكد، ان «أمنَ المملكة العربية السعودية الشقيقة هو أمنُ العراق، وأمن الامارات، وأمن دول الخليج هو أمنُنا، ونحن في العراق حريصون على أمن المملكة ودول الخليج، وأي استهداف لأمنها هو استهداف لأمننا، بل استهداف لأمن الدول العربية والاسلامية جميعاً، ونستنكر أي عمل عدائي موجه الى اشقائنا، لأن الاخلال بالأمن في المنطقة هو إخلال بأمن العراق واستقراره ايضاً».
وبشأن إيران، أوضح صالح، ان «جمهوريةَ إيران الاسلامية هي دولةٌ مسلمةٌ جارة للعراق والعرب، ويقيناً لا نتمنى أن يتعرض أمنُها الى الاستهداف، وتربطنا وإياها 1400 كم من الحدود، ووشائجُ وعلاقاتٌ متعددة»، مؤكداً أن «المنطقة بحاجةٍ الى استقرار ٍ مبني على منظومةٍ للأمن المشترك، يعتمدُ احترامَ السيادة وعدمَ التدخلِ في الشؤون الداخلية، ونبذَ العنف والتطرف، فأمننا مشتركٌ ومتلازمٌ على صعيد المنطقة».
وشدد صالح، على أن «أمن العراق يعد مرتكزاً لأمن المنطقة، فالعنفُ والاضطرابُ الامنيُ والسياسي في العراق قد أخل بموازين الامن في الشرق الاوسط، وهدد الامن والسلم الدوليين، وقاد وانتهى الى ما انتهى اليه من نتائجَ كارثية، اربكتِ المنظومةَ الامنية والسياسية في المنطقة، وايضا اصاب الامن القومي العربي في الصميم»، داعياً الأشقاءِ إلى «دعم العراق والوقوف بجانبه، لأن العراق أحدُ أهمِّ ركائز المنطقة، فإن تعافى تعافت وإن وهنَ وهنت».
وأضاف، ان «أيَّ تصادمٍ في منطقتِنا سيعرض أمن العراق للتهديد، ومن هذا المنطلق، منطلقِ مصلحتنا العراقية، ومنطلقِ حرصنا على أمنِ المنطقة، ومنطلق حرصنا على أمن اشقائنا والامن القومي العربي، فالعراق سيعمل على بذل قُصارى جهدهِ لفتحِ بابِ الحوارِ البنّاء، ويشدّدُ على ضرورة تبنّي الحوار المباشر، ونبذِ العنفِ والحرب، سبيلاً لحلِّ الأزمةِ المُحْدِقَة بنا، إذ انّه من المهمّ أن يؤدي هذا الحوارُ إلى بلورةِ نظامٍ إقليميٍّ مستقر، يكونُ حجرَ الأساسِ في إنهاءِ الصِّبغةِ التي صُبِغَت بها منطقتُنا كمنطقةِ أزمات، لتكون منطقة تكاملٍ وتفاهم».
وأكد صالح في ختام كلمته، موقف العراق الثابت والداعم للشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة، والحرص على عودة السلام والاستقرار في سوريا واليمن وليبيا.
وشارك رئيس الجمهورية مساء أمس الجمعة في قمة منظمة التعاون الإسلامي في مكة المكرمة.
وفي سياق متصل، التقى وزير الخارجيَّة محمد علي الحكيم على هامش القمتين العربية والإسلامية، وزير خارجيَّة المملكة الأردنيَّة الهاشميَّة أيمن الصفدي، وأفاد بيان لوزارة الخارجية تلقته «الصباح»، بأنه جرى في اللقاء بحث أطر التعاون الثنائيِّ، وأهمِّية رفع زخم التنسيق الستراتيجيّ سواء على صعيد العلاقات الثنائية بين بغداد وعمّان، أو تجاه القضايا الإقليميّة والدوليّة، كما تبادل الوزيران وجهات النظر حول سُبُل تفعيل العمل العربيِّ المُشترَك في مُواجَهة التحدِّيات، وتعزيز الاستقرار بالمنطقة، وأولويّات المرحلة المقبلة في ضوء القمتين الإسلاميّة والعربيّة اللتين تجري أعمالهما في مكة المكرمة.
والتقى وزير الخارجيّة محمد علي الحكيم خميس الجهيناوي وزير الشُؤُون الخارجيَّة التونسيّ، وتناول الجانبان بالبحث قضايا المنطقة، والتعاون الثنائيّ بين بغداد وتونس، كما ركّز اللقاء بالبحث على أهمِّ الملفات التي ستُناقَش في القمتين الإسلاميَّة، والعربيَّة.
واختتمت أمس الجمعة، أعمال اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلاميّ، حيث بحث المجتمعون قرارات تتعلق بالشؤون السياسية، والإنسانية، والاقتصادية، وبرنامج منظمة التعاون الإسلاميّ، إضافة إلى الأوضاع الراهنة، وأهمية الاضطلاع بدور يسهم في حلحلة الأزمات، وتعزيز التعاون، والتنسيق لتنفيذ أهداف المنظمة، ومواكبة التحديات التي تشهدها المنطقة، وتحقيق تطلعات الشعوب الإسلامية.