{زووم إن زووم أوت}

آراء 2024/04/18
...

 منى زعرور

 

على وقع مشاهد “طوفان” الإمارات، جراء السيول التي أغرقت شوارع وأحياء كاملة في أرقى مناطق الاتحاد من دبي إلى العين، يعود بنا الذهن في فلاشات سريعة إلى مشاهد وصور غرق لشوارع لبنانية هذا العام، أو لتدفق السيول التي اجتاحت مطار بيروت العام الفائت. ومع تشابه الصورة القادمة من البلدين، سرعان ما نلتفت إلى اختلاف التغطيات الإعلامية، لكلا الحدثين فيما لو تمت المقارنة بينهما.  فعلى الرغم من نقل الصورة المتشابهة “ غرق الشوارع”، يتبين بوضوح أن المعالجة الإعلامية للحدث الإماراتي أتت مُلطفة مع ما تظهره من بعض المعاناة لاجتياز الشوارع، كحد أقصى، أو كبانوراما صورية لحدث طبيعي آت من تبدل المناخ العالمي. أما في الحالة اللبنانية، فكان الوضع مختلفا، حيث تم استخدام الصورة لمعالجلات إعلامية أخذت في التركيز على ضعف الدولة، وغياب تجهيز البنى التحتية وصولا إلى تقديم لبنان كدولة فاشلة، متخلفة، مارقة على صعيد العالم. وأن لبنان كله غارق في السيول، بينما كانت الحقيقة حينها مشابهة لما حصل في الإمارات، من طوفان لشوارع قليلة. كما أن وتيرة تناقل الحدث اللبناني، كانت الأعلى من حيث التداول، ما دل على القصدية في “الفوكسة” عليه أو ما يعرف بلغة الإعلام بالتركيز من خلال ال،”زووم إن”، أما الحدث الإماراتي فقد دخل في بُعد ال “زووم أوت” لناحية مقاربة السياق البنيوي للدولة، مع ما تتمتع به الإمارات من صورة العمران الحديث، ونفوذ الإعلام الوطني وقوة العلاقات الدولية.

وتأتي هذه المقارنة، كواحدة من مقارنات كثيرة، يقوم بها الباحثون في علوم الإعلام والاتصال، عند كل حدث وظاهرة من نفس النوع، طرأت في بلدان مختلفة. وذلك لمعرفة أهمية ودور الإعلام الوطني والعالمي، في معالجة الأحداث، وفي تقديم الشرح والصورالنمطية التي تتأتى عنها. ولم يكن أبدا من باب الإضاءة السلبية على دول الإمارات ودورها، وهي المعروفة بتطورها وتقدمها التكنولوجي والعمراني عربيا وعالميا. لكن، لمعرفة حجم الحملة الإعلامية التي شُنت لتشويه صورة لبنان وتسقيطه دوليا، والتي ترافقت مع أحداث سياسية واقتصادية عانى منها هذا البلد الصغير. ومن المنطقي أن تقف خلف هذه الحملات، المشاكل السياسية العربية نتيجة الانقسام والتمحور، وضعف الإعلام اللبناني بعد سحب دوره الريادي العربي، الذي لعبه في مرحلة سابقة. كما لم تكن هذه المقارنة الوحيدة، لرصد أي باحث، لمدى التنميط الذي تعرض له لبنان عبر أكثر من تغطية، على سبيل مثال آخر، نشر احصائيات وهمية، يتم تقديمها على أنها علمية، تؤكد حلول لبنان في صدارة الدول العربية “الأكثر بؤسا”، مع أن البؤس يطال العالم في ظل كل ما يحصل من أزمات وحروب. ومع مطالعة بسيطة لنمط عيش اللبناني، يتكشف العكس، من إرادة الحياة وتخطي البؤس رغم كل الأزمات والمعاناة. وفي الخلاصة، إن للإعلام دورا مهما في تعزيز الوعي و تقديم الصورة بحجمها الحقيقي. أو في تشكيل الدعاية والتنميط السلبي، والذي يندرج في حالة لبنان، ضمن العقوبات والحصار النفسي للشعب اللبناني وللدور السياسي والسياحي، الذي يلعبه لبنان على الصعيد العالمي والخريطة الدولي.