أبناءُ المطلَّقين في أتون الحياة

ولد وبنت 2024/04/22
...

 سرور العلي  

بالرغم من الانفصال الذي حصل بين والديها حين كانت بسن صغيرة، إلا أن الشابة هبة عباس عاشت مع أمها حياة مستقرة، فأكملت تعليمها بتفوق لتدرس فيما بعد الصيدلة بإحدى الجامعات، وبتشجيع من والدتها التي كرّست حياتها من أجلها، حيث تقول: كانت هي الأم والأب معاً، وسعت لنجاحي ووصولي لتلك المرحلة من التميز، إلا أنني بين فترة وأخرى أشعر أن هناك خللا واضحاً، أو أن بيتنا غير مكتمل من دون والدي.

وعلى العكس يشعر الشاب أحمد غسان بأنّه خسر كل شيء عندما انفصل والده عن والدته وتزوّجت من رجلاً آخر، حين كان بعمر الثانية عشرة، فبقي مع والده الذي تزوج هو الآخر من امرأة قاسية القلب، ولا تتعامل معه بلطف، ما يضطره للمبيت لدى أصدقائه وأقربائه في أغلب الأحيان.

تجربة مريرة 

من البديهي أن يؤثر انفصال الوالدين على الحياة الزوجيَّة لأبنائهم في المستقبل، إذ يجدون صعوبات بالتأقلم مع أسرهم الجديدة، كما يشير الموظف ابراهيم علي الذي له تجربة مريرة مع طلاق والديه، وعندما أنشأ أسرة أصبح أكثر مزاجيَّة وانفعالاً، وفي دوامة من المشاجرات الزوجيَّة، برغم من أنّه حاول عدة مرات بناء حياة مستقرة بعيداً عن الخلافات، لكنه يفشل بذلك، ويعزو الأمر إلى إصابته بعقدة نفسيَّة، لا سيما بعد مفارقة والدته بعمر التاسعة، وما زال يفتقد وجودها، بخاصة أنها توفيت منذ سنوات، ويرى أن زوجته لا تعوّض مكانتها.

في حين يرى المهندس الشاب حسين علاء الذي له تجربة مع طلاق والديه، “أن انفصال الوالدين ينبغي أن لا يؤثر في الأبناء، من أجل الاستمرار بحياتهم، وبعيداً عن الضغط النفسي الذي سيعيشونه فيما بعد، ولكن عليهم أن يجتهدوا في العمل على تطوير أنفسهم، والتعلم من أخطاء الوالدين وعدم تكرار ما اقترفوه، واختيار شريك حياة مناسب، يساعدهم على تجاوز الذكريات المريرة، وإنشاء أسرة سعيدة ومتماسكة”.  


خطأ شائع

د.عبد الكريم خليفة، باحث نفسي واجتماعي بين: “بالنسبة لأبناء المطلقين عادةً ما يتأثرون بموقف المجتمع ونظرته لهم، لا سيما أبناء المطلقات، لأن المرأة بخاصة في المجتمعات الشرقية تعاب، ويحملونها المسؤولية، وتكون هناك نظرة دونيَّة لها، ومن ثم الأولاد سواء كانوا أناثا أو ذكورا ستقع لهم مشكلات اجتماعية، ومنها أن كثيراً من الأسر لا تتقدم لطلب يد البنت، التي تكون والدتها مطلقة، وكما يعتقد كثيرون أن هناك ترابطا كبيرا بين الأم والبنت، التي ستقوم بتقليدها وستحاكي سلوكها، وهذا خطأ شائع، لذلك تتعرض البنت لهذه النظرة، ومن جهة كما يعرف الجميع هنالك مثلا في المدارس والجامعات وفي دوائر الدولة، من لا يبوح بأنّه من أسرة منفصلة، لذلك تسبب له عقدة الشعور بالنقص، ويتجنب الحديث عن والديه في المناسبات، ويفضل الانسحاب من التشكيلات الاجتماعية، ما يؤثر على جوانب كثيرة من حياته، كما من المهم الاشارة إلى جانب فقدان الأم، إذ له تأثير نفسي كبير على الأبناء، وأحياناً يدفع بهم للانحراف، وارتكاب سلوكيات 

خاطئة”.


الشعور بالنقص

وتابع خليفة حديثه “بالتأكيد حين تفتقد الأسرة أحد أركانها، وهو الأب أو الأم، تصبح غير متوازنة وغير متكاملة، وتتأثر حتى بالجوانب الشخصية، فالبنت أو الابن سيشعران أن هناك نقصاً في حياتهما ولو كانت مستقرة، ولا يستطيعان ممارسة الحياة الطبيعيَّة بفقدان أحد الوالدين، ونلاحظ في بعض الأحيان حدوث التحرّش بوجود زوج الأم أو زوجة الأب، ويزداد العنف الأسري، فضلا عن أن بعض الأمهات يَكُنَّ غير حريصات على بناتهن، لذلك يفقد البيت خاصية مهمة من خواص الحياة الاجتماعية، المتمثلة بالأب والأم”.