بغداد: حيدر فليح الربيعي
شكلت زيارة رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، إلى الولايات المتحدة، انعطافة مهمة في العلاقات الاقتصادية بين بغداد وواشنطن، لاسيما عقب توقيع الوفد العراقي العشرات من مذكرات التفاهم والاتفاقيات المشتركة التي توزعت بين الصحة والتعليم والتكنولوجيا والنفط والغاز فضلا عن الطاقة، إذ وقع العراق اتفاقاً مع شركة جنرال إلكتريك لتعزيز قدرة المنظومة الكهربائية ولصيانة وتأهيل 70 توربيناً، وهي الاتفاقيات والتفاهمات التي يرى مختصون أنها ستشكل انطلاقة تنموية في مختلف المجالات الاقتصادية، فضلا عن كونها نقطة شروع صوب مزيد من التعاون الاستثماري والتجاري الذي يمكن أن ينعكس إيجاباً على زيادة معدلات التنمية والقضاء على البطالة ونقل التكنولوجيا المتطورة.
كما قوبلت الزيارة الرسمية التي شهدت مشاركة القطاع الخاص، بترحيب برلماني واسع، وفقاً للدائرة الإعلامية، مؤكداً دعمه للجهود الحكومية التي تسعى إلى تحقيق مصالح الشعب وسيادته وازدهاره، في حين أعربت اللجنة المالية في مجلس النواب، وعلى لسان رئيسها عطوان العطواني "دعمها الكامل للتفاهمات الإيجابية التي تمخضت عن زيارة واشنطن، وفي إطار التحول في العلاقة بين البلدين من الجانب الأمني والعسكري إلى مجالات التنمية والإعمار والاقتصاد والاستثمار".
وسط ذلك، رجّح مختصون في الشأن المالي أن تتمخض الزيارة الرسمية إلى الولايات المتحدة، عن تخفيف أو إلغاء العقوبات المفروضة على عدد من المصارف العراقية من قبل الفيدرالي الأميركي، لاسيما بعد تأكيدات الخزانة لرئيس الوزراء، بأنَّ 80 % من التحويلات تسير وفق المعايير الدولية، مبينين أنَّ نتائج المباحثات ستؤدي إلى جذب عشرات الشركات الراغبة بالعمل في العراق، مستندين بذلك إلى إعلان رئيس الوزراء عن وجود فرص استثمارية، بشهادة المنظمات الدولية، تبلغ قيمتها 400 مليار دولار. وشهدت الزيارة، بحسب المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، توقيع العشرات من مذكرات التفاهم الاقتصادية التي تضمنت:
1. مذكرة تفاهم بين وزارة الكهرباء وشركة جنرال إلكتريك GE، في مجال تطوير قطاع الطاقة. 2. مذكرة تفاهم بين وزارة النفط وشركة هانويل، لعقد شراكة في مجال تطوير الخطط الستراتيجية الخاصة بالحقول النفطية والغاز المصاحب. 3. مذكرة تفاهم بين وزارة النفط وشركة جنرال إلكتريك في مجال تطوير الحقول النفطية والغاز المصاحب.4. مذكرة تفاهم بين صندوق العراق للتنمية وشركة ماك (MACK) الأميركية للمحركات والمعدات، في مجال تصنيع المركبات المتخصصة.
كما وقع ممثلو القطاع الخاص المشاركون مع الوفد الرسمي، عدداً من مذكرات التفاهم مع الشركات الأميركية في مختلف المجالات، منها: 1. مذكرة تفاهم مع شركة باكستر الدولية للتعاون في مجال مستلزمات الغسيل الكلوي. 2. مذكرة تفاهم مع شركة KBR الأميركية لتطوير الحقول النفطية. 3. مذكرة تفاهم مع شركة KBR في مجال معالجة الغاز الأوليّ وتحويله إلى غاز سائل ومصاحب. 4. مذكرة تفاهم بين البنك العراقي الوطني NBI ومؤسسة التطوير المالي الدولي الأميركية. 5. اتفاقية مع شركة ترانس أتلانتك بتروليوم في مجال تطوير وإدارة الحقول النفطية. 6. مذكرة تفاهم مع شركة هانويل الأميركية في مجال تطوير حقول الغاز المصاحب وإيقاف حرقه. 7. مذكرة تفاهم مع شركة هانويل الأميركية للتطوير والأتمتة وخدمات السيطرة والتحكم عن بعد. 8. مذكرة تفاهم مع شركة بيكر هيوز الأميركية في مجال استخدام الحلول الذكية؛ لإيقاف حرق الغاز وتطوير الحقول النفطية وصيانتها. 9. مذكرة تفاهم مع شركة إيمرسون في مجال التكنولوجيا والأتمتة في الحقول النفطية. 10. مذكرة تفاهم مع شركة GE في مجال دعم الصناعة النفطية. 11. مذكرة تفاهم مع شركة آرك للطاقة في مجال تصنيع الغاز المصاحب. 12. مذكرة تفاهم مع شركة إيمرسون في مجال تطوير الطاقة وتوفير المعدات. 13. مذكرة تفاهم مع شركة GE في مجال توفير معدات لمعالجة الغاز المصاحب في توليد الطاقة الكهربائية. 14. اتفاقية مع شركة هانويل في مجال تطوير الحقول النفطية وصيانتها وإيقاف حرق الغاز. ووفقاً للرؤية الحكومية التي عبّر عنها رئيس الوزراء خلال لقائه عدداً من أبناء الجالية في الولايات المتحدة، فإنَّ "العراق اليوم ينطلق في مضمار الإعمار والتطوّر وإنجاز البنى التحتية، وهي صورة قد لا تصل بأكملها إلى الخارج، فضلاً عن النهضة الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها البلد"، في حين أشار في أثناء لقائه مع معهد بيكر لدراسات وبحوث الطاقة، التابع لجامعة رايس الأميركية، إلى "خطط الحكومة في العمل على توسعة صناعة البتروكيمياويات بعدة مشاريع، ووضع خطة لتحويل 40 % من النفط المصدّر إلى مشتقات نفطية"، مؤكداً "تطلع العراق إلى زيادة وتطوير صادراته النفطية، بطريقة تحقق التوازن وتحفظ مصالح المنتجين والمستهلكين". وتمثل تلك الرؤى الاقتصادية الحكومية، وفقاً للمستشار المالي لرئيس الوزراء، الدكتور مظهر محمد صالح، خلال حديثه لـ"الصباح" إشارة إيجابية فاعلة على بدء العراق بدخول عصر جديد من التعاون الدولي الذي سيربط ستراتيجية التنمية الشاملة للبلاد بقدرات التنفيذ والتطور التقني مع شركات العالم الأول، مبيناً أنَّ النتائج العملية التي تحققت في الزيارة عبر توقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات مع كبريات الشركات العالمية، لاسيما في مجالات التكنولوجيا والطاقة والطاقة المتجددة وغيرها من محاور التعاون المشترك، تشكل عصراً ستراتيجياً اقتصادياً متقدماً سيدخله العراق في التعاطي مع مناخ آخر من العلاقات الاقتصادية الدولية.
وأوضح صالح أنَّ "العزلة الاقتصادية التي عاشها العراق منذ ثمانينيات القرن الماضي ينبغي أن يسدل الستار عليها، ما يعني أنَّ بلادنا وما متاح فيها من فرص اقتصادية ستغطى بشكل إيجابي مع المناخ الاستثماري الدولي الذي أشرته الصفحة الجديدة من اتفاقية الإطار الستراتيجي الموقعة بين العراق والولايات المتحدة منذ العام 2008".
ولفت المستشار الحكومي إلى أنَّ "الشراكة بين العراق والولايات المتحدة شهدت تطوراً وانتقالاً من التركيز على التعاون العسكري إلى تفعيل فصول من الاتفاق تمس المناحي الاقتصادية مباشرة، وهي ذات صلة بانفتاح وتنمية قطاعات الاقتصاد الوطني المتعلقة بالتنمية المستدامة"، مؤكداً أنَّ "تلك التحولات ستؤسس لجيل جديد من الدبلوماسية الاقتصادية، تأخذ مصالح العراق وتقدمه كأولوية أولى في العلاقات مع الأمم الشقيقة والصديقة ليصبح العراق واحة الاستقرار والتقدم والتفاعل الإيجابي مع مفاصل الاقتصاد العالمي".