هل بدأ الإصلاح الحقيقي؟

اقتصادية 2024/04/22
...

ياسر المتولي 



يتضح جلياً أنَّ قرارات وإجراءات الحكومة الخاصة بتصحيح مسار العمل المصرفي في العراق والتي تتسارع بوتيرة منتظمة ومتسلسلة قد تبشر بإصلاح واقعي وحقيقي في هذا القطاع الحيوي والمهم.

إنَّ عملية الإصلاح الاقتصادي لا يمكن لها أن تتحقق إلا بالبدء من القطاع الأهم ألا وهو القطاع المالي والمصرفي وبموازاة ذلك يتعين تحقيق الإصلاح الإداري بحزمة واحدة لإتمام صفقة الإصلاح الحقيقية للبلد.

وسأحاول اختزال وتوضيح مفهوم الإصلاح المالي والإداري من خلال قرارات الحكومة الخاصة بتطوير أداء القطاع المصرفي، إذ تتجسّد الاهتمامات بهذا القطاع الحيوي من خلال أجرأ قرار اتخذه السوداني بتحويل المصرف الصناعي إلى شركة مساهمة عامة وتبدو بداية موفقة لكنها تحتاج إلى إجراءات مرافقة سأتطرق لها في سياق هذا المقال لتكتمل صورة الإصلاح المستهدف.

 إنَّ هذا القرار يندرج في مفهوم هيكلة المصارف العامة لتصحيح مسارها لكونها فشلت في مواكبة المتغيرات الحاصلة، وبهدف إنجاح هذه الخطوة يتطلب أن ترافقها عملية تحقيق برنامج الحوكمة المصرفية وهي ببساطة تعريف مبسط لتحقيق الإصلاح الإداري والمقصود بها تحديد وفصل المسؤوليات بين الإدارة التنفيذية للمصرف ومجلس الإدارة، إذ إنَّ إدارة المصرف تكون من مسؤولية الإدارة التنفيذية لأنَّ مهامها تتعلق بعمليات مصرفية وفنية بحتة بينما تحدد مسؤوليات مجلس الإدارة بالتخطيط والمراقبة والمتابعة.

من ناحية ثانية إنَّ نجاح عملية تحويل المصارف العامة إلى مساهمة (هيكلتها) يتطلب تحويل إدارة المصرف إلى القطاع الخاص الذي يحرص على ديمومة تحقيق الأرباح لاستمرار أداء المصرف في سوق العمل.

وذلك يتطلب أن يكون حجم الأسهم لصالح القطاع الخاص لتكون الإدارة في عهدته.

كما تتطلب عملية هيكلة المصارف أيضاً ضرورة الفصل في المسؤوليات، إذ لا يجوز أن يتصدى مدير عام المصرف لمسؤوليتي الإدارة ومجلس الإدارة في آن واحد، وبذلك يتمكن مجلس الإدارة من مراقبة الأداء وتحرير قراراتهم من الهيمنة وبما يتضمنه قانون المصارف.

إن هيكلية القطاع المصرفي أصبحت ضرورية بدرجة مهمة، كما تقتضي الحاجة تطبيق وتنفيذ المعايير الدولية للامتثال من قبل المصرف وهناك ضرورة ملحة لإعادة تصنيف ودرجة التقييم للمصارف بضوء الإصلاح الواعد.

والملاحظ أنه ما زالت المصارف الحكومية الرئيسة تفتقر للنظم البنكية الشاملة وبحاجة إلى التدريب العالي لموظفي المصارف وفق التطور الحاصل في القطاع المصرفي العالمي مع الحاجة إلى التوسع في تعزيز وإعادة الثقة والسمعة المصرفية بالمصارف العراقية مع البنوك المراسلة. 

إنَّ هذه الخطوات الإصلاحية تتطلب فسح المجال وإعطاء الفرصة للمصارف الخاصة لفتح الاعتمادات وبحدود وسقوف عالية وليس محددة، للمساهمة الفاعلة بتنشيط وتوسيع الحركة التجارية والاقتصادية لبلدنا وأرى أنها نتائج منطقية تتحقق دونما جهد. 

وبذلك فقراءتنا للمصارف بمستقبل واعد إذا استمرت خطوات الحكومة الإصلاحية هذه بذات الوتيرة المتسارعة والمنتظمة لتحقق الإصلاح الواقعي والحقيقي.