التجارة الروسيَّة تزدهر في صربيا

بانوراما 2024/04/24
...

 اميليا روكر

 ترجمة: شيماء ميران

مع نهاية العام الماضي، ووفق دائرة تسجيل الاعمال التجارية الصربية، فقد سجّل الروس في صربيا تسعة الآف شركة جديدة تقريبا، ومن المقرر أن يتزايد العدد خلال العام الحالي.تعكس البيانات رغبة المجتمع الروسي بارساء قواعد طويلة الأمد بعد عامين تقريبا من غزو أوكرانيا الذي جاء بنحو 370 ألف روسي إلى صربيا.

وبحسب استطلاع أجراه مركز السياسات الأوروبية، أن الوافدين الروس خلال الأشهر الاولى من الغزو اتجهوا إلى فتح مطاعم ونواد ومراكز تجميل تلائم الذوق الروسي، وكان فتح بعض هذه المراكز وسيلة للحصول على تصريح إقامة مؤقت في صربيا.

كان من المرجح أن يفتتح الروس أواخر العام الماضي رياض أطفال ومحلات تجارية عبر الانترنت ومؤسسات انتاجية وشركات عقارية وخلق مساحات عمل مشتركة في مدينتي بلغراد ونوفي ساد.

وقد تنامى تطور البرمجيات والاستشارة القانونية والتجارية لدى متخصصي التكنولوجيا المعلوماتية مستفيدين من المزايا التي تقدمها السلطات الصربية. إذ انشأت «ماريا»، التي تعمل بائعة زهور في موسكو وقبل مغادرتها قبل عامين، خدمة توصيل الزهور في بلغراد قبل شهرين. وتقول: «إن الدافع لها هو الشعور الذي تتقاسمه مع المجتمع الروسي، بعدم قدرتهم على العثور على مستوى الخدمة التي اعتادوا عليها. لذا قررت البدء بعملي الخاص مدركة غياب محلات بيع زهور في بلغراد، لذلك فكرت بشيء حديث وعصري وبتنميقات وذوق جميل».

جرّبت ماريا في البداية خدمة الاشتراك في عمل الزهور عبر مكتب ياندكس الكبير في بلغراد، حيث يعمل زوجها، وكان مستوى الطلب مرتفعا جدا حتى انها اطلقت خدمة كاملة بعد شهر من البداية. 

وتوضح: «أن تأسيس الأعمال بالنسبة للاجانب في صربيا، أسهل بكثير عما هو عليه في تركيا مثلا، وباسعار معقولة، ولأننا لدينا اصدقاء كثيرون أسسوا شركات مسبقا، لم يكن الامر صعبا بالنسبة لنا».

يُبين «ديمتري»، الذي استقر في صربيا منذ ايلول 2022 وانشأ شركة «فيتيروك» لتاجير معدات المشي لمسافات طويلة وتسلق الجبال، ان صربيا قد تكون اكثر ملاءمة لتأسيس الشركات الصغيرة. ويقول «إنك إذا كنت رجل أعمال منفرد، فانك ملزم بدفع نحو 350  يورو شهريا، وإنك لتغطية التكلفة وتحقيق الارباح تحتاج لتدوير كبير، وهو ما يستحيل في بداية اي مشروع، لذا يلجأ الكثيرون إلى العمل غير القانوني”.


بضائع متبادلة

وفقا لتقرير الشركات الصربي فإن عدد الشركات المملوكة للروس كان سنة 2021 نحو ألفي شركة، ليقفز العدد إلى ستة آلاف بعد سنة واحدة، وبسبب تنامي العلاقات الاقتصادية بين روسيا وصربيا، تزايدت عدد الشركات المملوكة للمهاجرين.

رفضت صريبا الضغوطات للانضمام إلى العقوبات المفروضة على موسكو وقطع العلاقة معها إلى الابد.

وتقوم الخطوط الجوية الصربية بتسيير رحلات يومية بين بلغراد وموسكو وسانت بطرسبرغ، ما يسمح لرجال الأعمال بالسفر ذهابا وايابا. لكن بريطانيا والإتحاد الأوروبي فرضتا عقوبات على الشركات الصربية لتصديرها سلعا ذات استخدام مزدوج إلى روسيا. كما زادت صربيا سلاسل التوريد الروسية، واكثر ما يثير الانتباه وجود أنواع من  شوكولاتة “اليونكا” ذات غلاف وجه الطفل الشهير وغيرها في الأسواق الصربية. تختار الشركات الروسية مثل صالونات التجميل او سلسلة قهوة كوفلين لاستيراد ما تحتاجه من المواد رغم ارتفاع كلفتها، بدلا من الموردين المحليين او البدائل صينية الصنع، ما يعزز سلاسل التوريد الروسية الصربية.

تعتمد صربيا على الغاز الروسي وبشكل كبير، وتظهر التقارير أن شركة النفط الصربيا “نافتا” المملوكة لروسيا هي الاكثر ربحا في صربيا منذ العام 2022. كما استحوذت شركة الغاز الروسية العملاقة غازبروم على حصة  51 بالمئة من الشركة منذ العام 2008، وتدعم غازبروم فريق كرة القدم “ريد ستار” في بلغراد.

وبينما عبرت بروكسل ولندن عن مخاوفهما من تعزيز العلاقات الروسية – الصربية، رحبت صربيا بموجات اللاجئين، حيث إن “ديفيد كاميرون” وزير الخارجية البريطاني وصفها بأنها وكيل روسي.

رحبت “آنا برنابيتش” رئيسة الوزراء الصربية بآلاف المختصين الروس ضمن مجال تكنولوجيا المعلومات، موضحة أن اللاجئين الجدد سيساعدون بتحويل صربيا إلى مركز تكنولوجي.

بالمقابل، هناك تضارب مع شعور السكان المحليين تجاه الشركات الجديدة التي اسسها المغتربون الروس.

تقول “ميليكا” مالكة علامة ازياء ومتجر تصميم للازياء، وترعى العديد من الشركات الروسية الصغيرة: “هؤلاء الشباب يرفعون مستوى الازياء، والنوادي التي يملكونها تضع معايير جديدة في مجال تقديم الخدمات”.

مضيفة: “لقد شهدنا تراجعا بالاعجاب الشخصي والاناقة في بلغراد بسبب هجرة الكثير من الصربيين وسياسة البلاد السيئة، مقابل ما يضخه الروس من طاقة جديدة وافكار غريبة”. وتشير إلى ان هؤلاء المهاجرين يعيشون في عالم مواز وكأنها موسكو مصغرة، إذ تقوم معظم شركاتهم بتوظيف الروس على نحو نشط، وتأمل باندماجهم مع المجتمع بدرجة أكبر.

تعلق “ماريا” بائعة الورد، بأنه ورغم كون معظم زبائنها من الروس، لديها العديد من الزبائن الصرب وتأمل باستقطاب المزيد. اما “ديمتري” الرحالة فانه يعمل على تطوير ستراتيجية اعلانية للعام الحالي مستهدفا الصرب المحليين والتوسع إلى دول البلقان الاخرى، والتي ستتضمن وضع آلات بيع وتأجير المعدات في المتنزهات العامة، ما يسمح للرحالة باستئجارها موقعيا بدل نقلها من المدينة، ويقول: “خططنا طموحة، يبدو أنني سأكون في بلغراد لفترة من الزمن”.


عن موسكو تايمز