محمد صالح صدقيان
المعلومات تتحدت بوضوح إلى أن طهران وواشنطن تبادلت الرسائل بشكل غير مباشر بعد الأول من ابريل، وان محتوی هذه الرسائل كان بشأن الرد الايراني بعدما اتخذت القيادة الايرانية قرارها بالرد، والذي جاء عبر اكثر من 150 مسيرة وعشرات الصورايخ، ذات القدرات المختلفة، والتي استهدفت المطارات العسكرية، التي انطلقت منها الطائرات التي هاجمت البعثة الايرانية بدمشق
في سابقة لم يشهدها تاريخ الصراع مع كيان الاحتلال الاسرائيلي تفجرت المواجهة بين ايران وهذا الكيان، بعد الهجوم الذي شنه الكيان علی مبنی البعثة الدبلوماسية الايرانية بدمشق، والذي ذهب ضحيته اثنان من كبار القادة في الحرس الثوري، اللذين كانا يعملان ضمن فرقة المستشارين الايرانيين العاملين في سوريا، لمساعدة الحكومة السورية لمواجهة الحركات الارهابية والتكفيرية، التي دخلت سوريا عام 2010 .
وعلی الرغم من أن ايران ردت علی ذلك الهجوم بعملية “الوعد الصادق” المحدودة، وما تبعها من هجوم شنه الكيان علی مدينة اصفهان الايرانية، إلا أن الاسئلة مازالت تبحث عن أجوبة حول الاسباب التي دفعت رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو إلى اللعب بالنار، عندما هاجم السفارة الايرانية بدمشق، وهو يعلم ان مثل هذا العمل سيواجه برد ايراني، استنادا للمعلومات التي تبادلتها طهران وواشنطن، بعد الاول من ابريل عندما تم استهداف السفارة بدمشق .
المعلومات تتحدت بوضوح إلى أن طهران وواشنطن تبادلت الرسائل بشكل غير مباشر بعد الأول من ابريل، وان محتوی هذه الرسائل كان بشأن الرد الايراني بعدما اتخذت القيادة الايرانية قرارها بالرد، والذي جاء عبر اكثر من 150 مسيرة وعشرات الصورايخ، ذات القدرات المختلفة، والتي استهدفت المطارات العسكرية، التي انطلقت منها الطائرات التي هاجمت البعثة الايرانية بدمشق .
المعلومات الايرانية تتحدث عن أن طهران وضعت واشنطن بصلب نواياها بالهجوم علی الكيان، بعدما امتنعت الأخيرة ومعها بعض الدول الاعضاء استصدار قرار من مجلس الامن الدولي، الذي اجتمع في الثاني من إبريل لمناقشة الهجوم الاسرائيلي علی مبنی البعثة الدبلوماسية الايرانية بدمشق.
تبادل المعلومات تم عبر السفارة السويسرية بطهران، باعتبارها راعية المصالح الامريكية في ايران.
وبطبيعة الحال أن الأصدقاء المشتركين في المنطقة لم يكونوا بعيدين عن هذا الاطار وتحديدا عمان، التي تشكل محطة اساسية للمباحثات الايرانية الامريكية غير المباشرة .
هناك كلام تفصيلي بشأن تبادل هذه المعلومات وغاياتها ربما تناولناها مستقبلا؛ لكن ما يهمنا راهنا الاجابة علی السؤال الأساس، لماذا أقدم نتنياهو علی استهداف مبنی البعثة الدبلوماسية الايرانية بدمشق، وهو يعلم جيدا ان هذا العمل مخالف للمواثيق الدولية كما انه يعلم جيدا ان الايرانيين لن يمروا عليه مرور الكرام .
مصادر دبلوماسية أوروبية تتحدث عن انزعاج نتنياهو من الموقف الامريكي بعدة محطات؛ الاول موقف واشنطن من القرار الذي صدر من مجلس الامن الدولي بوقف اطلاق النار.
والثاني ما يتعلق بمحكمة العدل الدولية والذي يعتقد ان واشنطن لم تعمل بشكل جدي لمنع المحكمة من تناول الحرب في غزة .
والثالث “وهو المهم” شعوره ولمسه لمعطيات تتحدث عن دخول واشنطن مع طهران في بمشروع لتحجيمه والمشاركة بإدارة اقليمية لمرحلة ما بعد غزة؛ وهذا لا يخدم الامن الاسرائيلي كما يعتقد نتنياهو وبقية المتطرفين الذين يدورون من حوله .
هذه المصادر تتحدث ان نتنياهو هو الذي قام في 16 مايس / اذار بتسريب خبر المباحثات التي جرت في يناير / كانون الثاني الماضي لصحيفة نيويورك تايمز الامريكية والتي أشارت إلى أن نائب وزير الخارجية وكبير المفاوضين النوويين علي باقري ترأس الوفد الإيراني، في حين ترأس الوفد الأميركي منسق شؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك.
ويبدو ان تسريب هذه المعلومات لم تستطع من ارضاء نتنياهو، الذي يعيش هزيمة داخلية بسبب فشله بتحقيق اهدافه بغزة ولذلك عمد إلى القيام بعمل أوسع يستطيع من خلاله خلط الاوراق واحراج فريق الرئيس الامريكي، عندما قام بمهاجمة مبنی البعثة الدبلوماسية بدمشق .
في البيت الابيض هناك انقسام واضح حيال الملف الايراني والية التعاطي معه منذ دخول الرئيس جو بايدن اليه، حيث ذهب ضحية هذا الخلاف مسؤول هذا الملف في الخارجية الامريكية رابرت مالي .
فريق يقوده وزير الخارجية انتوني بلينكن ومعه مستشار الامن القومي جيك سوليفان في مقابل رئيس المخابرات المركزية الدبلوماسي المخضرم ویلیام برنز، الذي يقود فريق يعتقد أن إيران التي تملك برنامجا نوويا يخصب اليورانيوم بنسبة 3.67 افضل للمصالح الامريكية من برنامج يخصب اليورانيوم بنسبة 60 بالمئة؛ وبالتالي يجب العمل علی احياء الاتفاق النووي وهذا ما عارضه الفريق الاول الذي كان تحت الضغوط التي يمارسها اللوبي اليهودي “ايباك”.
وقد زار برنز مكررا كيان الاحتلال لكنه فشل من اقناع نتنياهو بافكاره وتصوراته لان هذا المخلوق لا يقبل اقل من تفكيك البرنامج النووي الايراني لانه كما يعتقد يضر بالامن القومي
الاسرائيلي .
صحيفة شرق الايرانية نشرت في عددها الصادر يوم 21 ابريل الجاري معلومات تحدثت عن استبعاد علي باقري من المفاضات النووية وتخويل المندوب الايراني في منظمة الامم المتحدة امير سعيد ايراوني بهذه المهمة لايجاد مخرج للمباحثات المتوقفة بين طهران وواشنطن، وآلية رفع الحظر علی الاقتصاد الايراني .
المعلومات التي سربتها نيويورك تايمز نقلت ان الجانبين الايراني والامريكي ناقشا الأمن الاقليمي وملفاته المتداخلة من غزة إلى البحر الاحمر وصولا إلى جنوب لبنان؛ لكن طهران التي اعترفت بهذه المباحثات قالت انها ناقشت فقط الية ازالة العقوبات المفروضة علی ايران .
وكانت طهران قد عقدت صفقة مع واشنطن في سبتمبر / ايلول تم بموجبها تبادل المعتقلين والافراج عن ارصدة ايرانية مجمدة علی ان تستانف المباحثات لاحقا لمعالجة بقية القضايا العالقة ؛ لكن 7 اكتوبر أوقف هذا المسار دون يغلق المحطة العمانية للتوصل إلى تفاهمات بين طهران وواشنطن قبيل الانتخابات الأمريكية التي تجری في نوفمبر
القادم .
المصادر الدبلوماسية الاوربية تعتقد أن واشنطن راغبة في التوصل ليس لاحياء الاتفاق النووي الذي تم نقله لثلاجة الموتی؛ وانما لعقد تفاهمات تتجاوز محددات الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون قبل نوفمبر، علی أن يتم تنظيم هذه التفاهمات بعد نوفمبر استنادا للتطورات والنتائج .