الأرض لمن يزرعها والبيت لمن يملكه

آراء 2024/04/28
...

 حسب الله يحيى 

اذا كان جدنا العراقي الأصيل حمورابي يقول في مدونته القانونية «الأرض لمن يزرعها والبيت لمن يملكه» ؛ واذا كانت كل القوانين في كل بلدان العالم باتت تقر ما ذهب اليه ذلك الجذر التاريخي الحي حمورابي.. واذا كانت كل القوانين والأعراف والقيم تقر بالملكية الفردية وحقوقها المشروعة في ملكيتها؛ اذن ما هي الأسباب التي تدفع الكثير من الناس إلى الاستغاثة على صفحات النقال والفضائيات.. بسبب الاستيلاء على أراضيهم ودور سكنهم وحتى محال عملهم؟.

وفضلا عن الاستيلاء على الملكيات العامة للدولة، من دون حسيب ولا رقيب ولا استجابة للشكاوى المرة، التي باتت مكشوفة من دون ان تجد لها اذانا صاغية من قبل الحكومة؟

ماذا يفعل المواطن اذا وقع عليه هذا الظلم وهذا الحال؟

ان الحكومة ـ اية حكومة كانت ـ يقع في أولى مهامها ومسؤولياتها حفظ أمن وسلامة مواطنيها وحقوقهم المشروعة في ملكية أراضيهم وسكنهم ومحلات عملهم..

الى جانب ذلك فإن تجريف مئات وآلاف الدونمات من الأراضي الزراعية والحدائق العامة وتحويل البلد من أراضيه الخضراء إلى تصحيره، ونقله إلى حالة من الجفاف، وذلك مراعاة واستجابة وتنفيذا، لاوامر شخصيات نافذة لا يشغلها الا تحقيق مآربها ومكاسبها الشخصية على حساب حقوق الناس وممتلكات الدولة  كذلك.

إنَّ ما نجده ونتبينه ونعيشه من حالات التزوير التي تطال وثائق الملكية في دوائر الدولة؛ من شأنه ان يجعل البلاد تتحول إلى غابة يهيم فيها، ويرتع سالما مأمونا كل غلاظ النفوس وقطاع الطرق وأصحاب النفوذ المالي المسلح.

كذلك السعي الحثيث للاستيلاء على دور سكن اخوتنا المسيحين والمهاجرين والمهجرين من دون وجه حق، من شأنه أن يقلل من نفوذ الدولة بطاقمها البرلماني والتنفيذي والرئاسي والقضائي كذلك.

مثل هذه الظاهرة ستجعل الوطن والمواطنة في حالة من القلق والاستنفار الدائم، بسبب غياب أجهزة الدولة كافة ولا نعني حكومة بعينها فقط وانما نقض كيان الدولة ذاته، بوصفه الضامن الأساسي لوجود الانسان أي انسان ينتمي إلى هذه البلاد والى قلب هذا الوطن..

حتى اذا غاب هذا الضامن؛ غاب إلى جانبه حق الانسان في الحياة، بعد ان وجد هناك من ينتهك أمنه وسلامته وممتلكاته.. ولا يجد من يؤمن له أبسط حقوقه الإنسانية على الدولة التي يفترض أن ترعى مواطنته التي تقر له في هذا الوجود وهذه الرعاية..

ان ما نشهده اليوم في بغداد والمحافظات كافة من ظواهر سلبية ؛ من شأنه ان يغيب إحساس المواطن بأن هناك دولة ترعاه وحكومة تحميه وبرلمان يقر له بالقوانين التي تدعم وجوده، وقضاء يحكم له بالحق والعدل.

واذا ما غابت هذه الثقة المتبادلة بين الدولة ورعاياها ؛ فأن ماَل كل شيء ؛ قد يتحول في مسار الأيام إلى غياب كل شيء ومن ثم تصبح الحياة سقيمة مما يجعل المواطن، يبحث عن أوطان يجد فيها انسانيته وحقه في الملكية والعمل والضمان الصحي 

والتعليمي..

إن مهمة الحكومة، مهمة يفترض أن تلقي أولى اهتماماتها بهذا الواقع الذي بتنا نعيشه يوميا وذلك بسبب غياب الامن، وفي غيابه يصبح كل شيء قابلا للامتلاك أو للهدم أو للابتزاز أو للتزوير والأخذ بالقوة، من دون رادع ومن دون حماية يفترض أن تتكفل بها الحكومة الوطنية المنشودة، التي ترعى للناس أمنهم وحقوقهم في الحياة الحرة والسعيدة والمستقبل المضمون والأكثر اشراقا..

لقد اتسعت الشكوى، وبات الصبر لا يصبر على هكذا عمليات تدميرية لكيان الدولة في اجتياح الأراضي والمساكن، من دون وجه حق قانوني وبات على الحكومة ان تأخذ دورها الملزم والحاسم في هكذا عمليات سلبية وتلقي بظلالها الآمنة على حياة  الناس..

الأمل بحكومة يفترض ان تعمل وعلى عجل إلى حل هكذا معضلات صعبة الحل على المواطنين الذين لا يجدون من يقف إلى جانب حقوقهم وعيشهم وممتلكاتهم.. وهو الأمر الذي يجعل النقمة تزداد والشكوى تستغيث والرجاء غير مسموع والحلول لا يتكفل بها أحد.. وكل أحد عندئذ يصبح له الحرية في امتلاك ما يشاء وتجريف ما يروق له من الأراضي الزراعية والسكنية على وفق ما يشاء!.