سجال الرد والرد المقابل

آراء 2024/04/28
...







 رزاق عداي 


 عندما توقفت حرب السويس في عام 1956، التي اندلعت على اثر اعلان الرئيس المصري الاسبق - جمال عبد الناصر - تأميم كل عمليات شركة قناة السويس، فشل التحالف الثلاثي المؤلف من اسرائيل وفرنسا وبريطانيا (بتأثير وتدخل دولي من قبل امريكا والاتحاد السوفيتي السابق) من تحقيق اهدافه، انسحبت كل القوات الاجنبية من الاراضي المصرية على الفور، في هذا الوقت اعلن - بن غوريون - أول رئيس اسرائيلي، عن تقاعدته، واعتكافه في قصره في صحراء

 - النقب -.   ولكنه لم ينصرف تماما عن الشؤون السياسية الاسرائيلة، فكان يحرص على استقبال الساسة الصهاينة الاسرائيليين الشباب آنذاك من مثل غولدا مائير، وبيغن، وليفي اشكول، واسحاق رابين واخرين،  والنصيحة الملحة التي كان يكررها دائما أمامهم، أن على قادة اسرائيل أن يتحاشوا كل مواجهة مع دول الجوار، ولمدة لا تقل عن عشرة سنوات، مهمها كانت الدوافع التي تستدعي ذلك، وخصوصا مع مصر التي كانت تتفوق على اسرائيل بشريا وتسليحيا، وأوصاهم بالاحتماء بالقوات الدولية، التي انتشرت على الحدود بين البلدين، بموجب اتفاقية وقف اطلاق النار بعد انتهاء معارك العدوان الثلاثي.

ونُقذت كل وصايا - بن غوريون -، وظلت اسرائيل تعمل بصمت وسرية طيلة هذه الفترة، وعززت وضاعفت كل اسلحتها، بما فيها سلاح الطيران الذي كانت مصر تمتلك منه ثلاث مرات ما تملكه اسرائيل قبل هذه الفترة، وبذلك شعرت بعد حين أنها اصبحت قادرة على المواجهة بوازع توسعي مكشوف تماماً، ولذلك عندما اعلن الرئيس المصري في عام 1967، إغلاق مضايق - تيران - في البحر الاحمر، وطالب القوات الدولية بالانسحاب من المنطقة، اعتبرت إسرائيل هذه المواقف من قبل مصر وكأنها اعلان حالة الحرب، وبذلك اتخذتها ذريعة اعلامية واسعة ضد مصر، وفوتت على الاخيرة الدعم والمساندة الدوليين باستثناء موقف الاتحاد السوفيتي السابق المتضامن مع مصر، لأسباب تتعلق بالاستقطابات السياسية الدولية القائمة آنذاك، ومتطلبات الحرب الباردة. 

 وكانت الضربة الاولى الماحقة التي وجهت إلى مصر في 5 - 6 - 1967، نقطة فاصلة في تاريخ اسرائيل على الاطلاق، فقد دمر ت كل مرابض الدبابات في صحراء سيناء، والطائرات وهي على الارض، ومن الساعة الثامنة صباحا إلى الساعة الثانية بعد الظهر في خمسة حزيران كانت كل موازين القوى العسكرية لصالح اسرائيل بشكل حاسم، وعندما وضعت تلك الحرب أوزارها، كانت إسرائيل قد احتلت مساحات أرض من سيناء والضفة الغربية والجولا ن بما يعادل ثلاث مرات مساحتها قبل الحرب، وبذلك اعلنت عن نفسها قوة كبرى في المنطقة، وبقى الشعور بالتفوق والغطرسة يخامرها حتى اليوم، وعندما فشلت انظمة الدول العربية وانكفأت على مشكلاتها الداخلية وعجزت عن تحقيق الحكم الرشيد، تصاعدت حمية الغطرسة الإسرائيلية شيئا فشيئا، ووجدت ضالتها في مناسبة حرب 7 اكتوبر ( طوفان الاقصى ) في قطاع غزة لتمارس تدميرا شاملا، متجاوزة كل المذابح الويلات القديمة التي تعرض لها المدنيين الفلسطينيين ولتدخل مع ايران المنافس القوي صاروخيا كقوة صاعدة، بمشهد يعكس ذروة التصاعد الدرامي في ذروة العرض لصواريخ لصواريخ على الهواء الطلق، في الرد والرد المقابل،بين قوتين اقليميتن تنافستين على حساب تخريب مدينة (غزة )، وتجويع اطفالها ونسائها،، في خاتمة مجهولة لغاية اليوم.