هل نبلغ الدين الخارجي {صفر»؟

آراء 2024/04/28
...

 وليد خالد الزيدي 


تختلف طرق تسديد الديون الخارجية بين دولة وأخرى، من حيث اسقاطها بواسطة التسديد المباشر أو مبادلتها باصول واستثمارات لصالح الجهات الدائنة، ولكن تبقى خطوة الاقتراض الخارجي في جميع الحالات مؤشر على تعثر اقتصاد الدول، وهي دليل واضح على أزمات تتفاقم وتهدد بتراجع العديد من البلدان، حتى تبلغ مستوى تدني اقتصادها إلى حد الاقتراض من المناشئ الخارجية لأغراض مختلفة، بينما تتباين آلية إدارة أزمة الدين حال تفاقمها وتتعدد انعكاساتها، لتشمل غالبا مزيدا من الازمات الآنية فضلا عن إرث ثقيل تتكبده أجيالها القادمة.  وفي الحالة العراقية ومنذ سنوات عدة تجاوزت أزمة الدين الخارجي المؤشرات الرسمية المطمئنة، تجاه حدودها ودواعي اللجوء اليها وصعوبة تسديده،ا لتعلو أجراءات الحكومة في الظروف الراهنة لتقليل اثارها والاسهام في خفضها بما يمثل خطوة مهمة بعدما كانت دائرة تلك الديون أشبه بالسر وعرضة لانتقادات بعض المهتمين بالشأن الاقتصادي، ما جعل حكومة محمد شياع السوداني تجسد مبدأ الشفافية بمتابعتها وتحديد المبالغ بذمة العراق وحصرها منذ العام الماضي، فحينما كان هذا الدين بحدود (19) مليارا و(700) مليون دولار، أعلنت مؤخرا انخفاضه إلى(9) مليارات دولار، وهذا المبلغ مصنف على مجموعة أبواب، وذلك بفعل تدقيق هذه القروض وتشكيل لجنة مختصة في العام الماضي، ضمت ممثلين عن وزارتي المالية والتخطيط ومستشارين ماليين، وأعضاء من اللجنة المالية البرلمانية ومختلف الأطراف المعنية بالديون الخارجية. 

ومن اللافت للنظر ان اللجنة طرحت تساؤلا وجيها، حول سبب التمسك بهذه القروض إذا كان العراق لا يستطيع تطبيقها على أرض الواقع بيسر أو أنها تنفذ بعد سنوات طويلة واثر ظهور(13) قرضا عليها إشكالات بعضها من سنوات سابقة، وأخرى في موازنة العام الماضي وفي ظل وجود تعقيدات إدارية وروتينية من الصعب تحقيقها، وان ضريبتها السنوية تدفع سواء نفذت أو لم تنفذ فقررت إسقاط تنفيذ تلك القروض بعد أن تيقنت بشكل دقيق المخاوف من عدم سداد الديون الخارجية، اذا ما شهد الاقتصاد العراقي ظروفا ليست مثالية أو ارتفاع تكلفة تأمين مبالغها، مع وجود احتمالات تفاقم المشاكل الدولية على مستويات الامن والاقتصاد أو شح الموارد أوصعوبة امكانية تحسن الأوضاع العامة لمستوى لا يؤهل العراق على الايفاء بالتزاماته وفق البرامج المعتمدة. كما يعد سعى العراق إلى تنظيم التعاون التمويلي مع المجتمع الدولي بسياقات محددة تشمل الاقتراض المباشر سبيلا، لضمان نجاح مشاريع القطاع الخاص وضمانات تمويله لاستيراد خطوط بناء وتشغيل المصانع بما يمهد لاندماج بلدنا في دورة الاقتصاد الدولية ويؤدي بشكل فعلي إلى تعزيز الناتج المحلي وتمويل المشروعات الخدمية والانتاجية ذات المردودات الاقتصادية الوطنية، بالرغم من دعوة المفوضة الأوروبية للشراكة الدولية إلى ضرورة تحسين آليات إعادة هيكلة ديون بعض البلدان وإيجاد حلول لمنحها حرية مالية أكبر، لكن الادارة العامة لصندوق النقد الدولي استبعدت وجود مناقشات واضحة، بشأن إسقاط الديون مبررة ذلك بأن الإعفاء يتسبب بحالة من العشوائية وخطر يعكس عدم قدرة الدول على إدارة أموالها، كما وجه خبراء دوليون انتقادات تجاه صندوق النقد هو الآخر، مفادها بأنه يشجع الحكومات على طلب التمويل مبكرا، من دون الانتظار لمرحلة تدهور اقتصاد بلدانها.