نرمين المفتي
تشغل القضية رقم 1820 لسنة 2024 إداري قسم أول شُبرا الخيمة، الرأي العام المصري منذ أن نشرت النيابة العامة المصريَّة قبل أيام، من خلال بيان على صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي تفاصيل مقتل الطفل (احمد محمد سعد 15 سنة) والذي كان قد فقد في ليلة عيد الفطر.
ووجدت جثته بعد يومين في شقة ليست بعيدة عن محل سكن أسرته مقطعة وجوفه مفرّغاً من الأعضاء التي وضعت في أكياس قرب الجثة.
لفت نشر النيابة العامة المصريَّة للتفاصيل أنظار الإعلام العربي والغربي لخطورة الجريمة وتهديدها للسلام المجتمعي.
وتفاصيل الجريمة هي أن القاتل تعرّف إلى مصري مقيم في الكويت من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والذي طلب منه أن يقتل طفلاً وسرقة أعضائه مقابل 5 ملايين جنيه (نحو 100 ألف دولار) بشرط ان يكون القتل اون لاين ومن خلال اتصال فيديوي، وبعد تنفيذه لجريمته، طالبه بقتل طفل آخر بالأسلوب نفسه.
لكن الكاميرات في المنطقة كشفت الطفل أحمد وهو معه قبل اختفائه وتم القبض عليه في الوقت الذي أكدت فيه تقارير الطب العدلي أن القتل والتمثيل بالجثة لم يكن لسرقة الاعضاء.
واظهرت التحقيقات أن المصري المقيم في الكويت طفل آخر عمره 15 سنة يتعامل مع مواقع على الإنترنت المظلم (the dark web) ويبيع فيديوهات القتل والتمثيل بالجثة بآلاف الدولارات.
تمكّنت السلطات المصريَّة وبالتعاون مع الكويت والأنتربول باستقدام المقيم في الكويت ووالده خلال ثلاثة أيام فقط.
ونشرت المواقع المصريَّة بأنَّها ليست الجريمة الأولى لهذا الطفل-الشيطان في مصر وبأنّه قام بجرائم مثلها في دول عربيَّة أخرى..
لا بدَّ لهذه الجريمة أن تدقَّ جرس الانذار وحظر الانترنت المظلم على العامة واقتصار استخدامه حكوميَّاً، علما ان القنوات المصرية عرضت في رمضان مسلسل (عتبات البهجة) ليحيى الفخراني وفيه إشارة إلى هذا الإنترنت، اذ كان حفيد بطل المسلسل يقوم بسرقة الحسابات المصرفيَّة، سرقة حفيده من خلاله.
الإنترنت المظلم جزء من الإنترنت العميق (the deep web) والمهم للتعاملات المصرفية والاستخبارية وغيرها من المعاملات والتعاملات الرسمية والمالية، لكن الجزء المظلم تحول إلى مواقع لتجارة السلاح والمخدرات والتجارة بالبشر، خاصة الأطفال، وبيع الاعضاء البشرية وللذين يعانون من مشكلات نفسية عدوانية ويشعرون باللذة من مشاهدة عمليات قتل وتمثيل بالجثث اون لاين وغيرها من الجرائم البشعة والمروعة من دون ان يتم كشفهم.
والدخول إلى عالم الظلام ليس ممكنا من خلال المتصفحات المعروفة، انما من خلال متصفحات خاصة، انتبهت دول عديدة إلى خطورتها وقامت بحظرها.
لن أنشر أسماء هذه المتصفحات الخاصة للحذر ولكن على وزارة الاتصالات أن تنتبه وتقوم بحظرها على العامة فهي ليست بأهمية الانترنت الذي نتعامل معه واصبح جزءا من الحياة والتعاملات الرسمية وغير الرسمية وصار نافذة على العالم.
حظر هذه المتصفحات خطوة ضرورية وملحة كي لا نواجه قضية مجتمعية اخرى مثل قضية الفاشنيستات التي تسببت بها مواقع التواصل الاجتماعي واصبحن (قدوة) لشابات ومراهقات بعد ان شاهدن الثراء الفاحش الذي تعرضه هذه الفاشنيستات من خلال سيارات فارهة وأزياء من ماركات عالمية ولا يهمهن الطريقة التي تأتي من خلالها هذه الاموال.
تقوم العديد من الدول بمحاكمة اصحاب المحتوى الهابط والذي يدعو إلى الفسق، ففي مصر يتم سجنهم، لمدة سنتين وفرض غرامة مالية كبيرة عليهم ومؤخرًا حكمت محكمة كويتية على مذيعة معروفة لسنتين ايضا وغرامة مالية بتهمة نشر صور وفيديوهات تدعو إلى الفسق.
ولم نجد فضائية فيهما تعتبر محاكمة اصحاب المحتوى الهابط على مواقع التواصل الاجتماعي، مصادرة لحرية التعبير..