بغداد: شكران الفتلاوي
نبَّه مختصون في الشأن الاقتصادي على أنَّ معظم العمالة الأجنبيَّة دخلت إلى البلد بصورة غير منظمة وفوضويَّة والقسم الأكبر منها ليس شرعياً، وتترتب على ذلك مخاطر أمنيَّة تتمثل بعدم وجود قاعدة بيانات لمتابعتهم، وكذلك اقتصاديَّة من ناحية ارتفاع البطالة التي وصلت نسبتها إلى 36 بالمئة لاسيما من فئة الشباب، فضلاً عن تحويل العملة الصعبة إلى الخارج.
وأقرَّ وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي في وقت سابق، بوجود زيادة بعشرات الآلاف من العمالة البنغالية في البلاد وخصوصاً غير الشرعية، وأنَّ أعداد المسجلين منهم لا يتناسب مع الأعداد الحقيقية الموجودة في البلد.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور نبيل المرسومي لـ»الصباح»: إنَّ ظاهرة العمالة الأجنبية ليست وليدة الحاضر، إنما بدأت بشكل واسع منذ ما يقارب النصف قرن، وخاصة في عقد السبعينيات من القرن الماضي عندما توافدت ملايين العمالة المصرية، أعقبتها السودانية، لكنَّ نوع العمالة اختلف بعد العام 2003، حيث كانت مصدرها بنغلادش، وازدادت أعدادهم بشكل مستمر، نتيجة إقبال أرباب العمل على التعاقد معهم لانضباطهم والتزامهم.
وأضاف أنَّ مؤشر استقدام العمالة الأجنبية ارتفع نتيجة لزيادة الطلب، إذ كان مقتصراً على المطاعم والمحال، وامتد إلى الأسر الميسورة والمتوسطة من خلال استقدام العاملات، من الهند والفلبين وإندونيسيا والنيبال.
وبيّن المرسومي أنَّ معظم العمالة الأجنبية في البلد غير منظمة، أي أنها تدخل بطرق غير مشروعة، أما دخولها بالطرق المشروعة فيتم من خلال المكاتب وبأعداد قليلة، إذ تشير التقديرات إلى أنَّ نحو مليون عامل أجنبي غير مسجلين، بينما يقدَّر المسجل منهم بنحو 70 ألف عامل فقط.
وأوضح أنَّ العمالة الداخلة إلى البلد تقسم على نوعين، الأول العمالة الماهرة وتتمثل بالقطاع الصحي وهي قيمة مضافة للاقتصاد وتأثيرها إيجابي، بينما يتمثل النوع الثاني بغير الماهرة، مثل عمال الخدمات المنتشرين في المطاعم والمحال، وهؤلاء أجورهم متدنية مقارنة بالعمالة المحلية وموقعهم قريب من العمل، لذلك نجدهم مفضلين.
وتابع أنَّ هناك خطورة في التعامل مع العمالة الأجنبية، خاصة في الجوانب الأمنية، وفي ما يتعلق بالإرهاب، فضلاً عن انتشار العاملين الذكور، وهذا أمر من الممكن أن يؤدي إلى انتشار ظاهرة التحرش والاغتصاب.
ونوّه المرسومي بأنَّ الأعداد الكبيرة من غير المسجلين تجعل من عملية متابعتهم من قبل الأجهزة الأمنية صعبة، الأمر الذي يجعلهم عبئاً على الوضع الأمني والاجتماعي، إضافة إلى أنهم أصبحوا يزاحمون الأيدي المحلية خاصة بعد انتشار البطالة بين العراقيين، لاسيما فئة الشباب، يرافق ذلك تحويل العمال الأجانب مبالغ بعملة الدولار تقدّر بنحو مليارين ونصف المليار دولار سنوياً حسب بعض التقديرات غير الرسمية إلى الخارج، وهو أمر لا يخدم الاقتصاد، لذلك نجد ضرورة ملحة لمراقبة العمالة الداخلة إلى البلد وإخضاعها إلى رقابة الدولة.
وتنفذ وزارة الداخلية حملات مستمرة لمتابعة دخول وتسجيل العمالة الأجنبية بشكل شرعي وتقوم بتسفير المخالفين إلى بلدانهم.
من جانبه، قال المهتم بالشأن الاقتصادي المهندس الاستشاري عماد المحمداوي لـ»الصباح»: إنَّ استقدام العمال بشكل فوضوي بدون أن تكون لهم قاعدة بيانات يمكن الرجوع إليها عند الحاجة مع عدم تسجيلهم، أمر في غاية الخطورة على أمن البلد، أما على الصعيد الاقتصادي فإنَّ انتشار العمالة الأجنبية يحد من الحصول على فرص عمل لأبناء البلد، خاصة أنَّ نسبة الشباب في العراق تقدر بنحو 60 بالمئة، ومعظمهم من أصحاب الشهادات، حيث يمكن الاستفادة منهم في مختلف المجالات.
تحرير: علي موفق