الاتجاه الشعبي في شعر البهاء زهير

ثقافة شعبية 2019/06/02
...

 أ . د . نجاح هادي كبة
البهاء زهير هو أبو الفضل زهير الازدي ولد بمكة سنة 581هـ وترعرع فيها ثم انتقل مع أسرته إلى مصر واستقر في (قوص) وهي يومئذ ثالث مدن مصر بعد القاهرة والإسكندرية حضارة وثقافة وعلماً، نال حظوة عند الأيوبيين، إذ تولى ديوان السفارة والإنشاء (وشعر البهاء سهل غاية السهولة واضح أشد الوضوح في لفظه ومعناه ولغته وان كانت لم تخرج عن قواعد النحو والإعراب الا إنها تقترب اقترابا كبيراً من اللهجة الدارجة إذ تعبّر عن الحياة العادية في روحها وبساطتها ومرونتها، وشعره يمثل الروح المصري أصدق تمثيل في رقته وميله إلى الفرح والفكاهة) ( الأدب العربي، د. جواد علوش و د. محسن غياص، دار المعارف، بغداد، 1972م، ص:75) . 
وشعره ينفي ما أُتهم به الشعر العربي عبر عصوره من أنه بعيد عن الشعب وانه مرتبط بقصور الخلفاء (وذهب الدكتور شوقي ضيف إلى أن الاتجاه الشعبي لم يكن مستحدثاً في العصر العباسي بل كان يضرب بجذوره في العصور القديمة... وكان يهدف من ذلك إلى نفي فكرة ان الشعر العربي ارتبط بقصور الخلفاء والأمراء) (التيار الشعبي عند شعراء يتيمة الدهر، د. زياد عبد الرزاق، دار الشؤون، بغداد، 2018م، ص: 111). 
أنماط من التراث الشعبي في شعر البهاء زهير: 
في الألفاظ والتراكيب الشعبية : كقوله مستخدماً كلمة (ستّي)
 1 - ولكن غادة ملكت جهاتي             
فلا لحن إذا ما قلت (ستّي)
وكقوله: يا عبدها 
ان ملوكاً ملكت مهجتي              
لا تدعني إلّا (بيا عبدها) 
 
2 - توظيف المعاني الشعبية بالتضمين كأسلوب التسلسل:  
لعن الله صاعداً              
 وأباه فصاعداً 
وبنيه فنازلاً                      
واحداً ثم واحداً 
 
أو استخدامه الأسلوب الدارمي كقوله: 
 بالله قل لي يا رسول              
من ذلك العتب الطويل 
بالله قل لي ثانياً                   
 فلقد طربت لما تقول 
كدر لسمعي ذكرها               
ودع الحديث بها يطول 
 3 - في الصورة الفنية : وفيها يستخدم أنواع المجاز (كالاستعارة ) في قوله:
 
 و يا ليت عندي كل يوم رسولكم       فاسكنه عيني، وأفرشه خدِّي 
 
ــ أو استخدامه (التشبيه البليغ) وهو ما حذف فيه أداة الشبه كقوله: 
 
  أشكو إليك لأننا إخوان        
سيّان شأنك في الخطوب شأني
سقط التكلف والتجمل بيننا     
فالأهل أهلي والمكان مكاني
الروح المصرية والعراقية في شعره : 
رأيتك قد عبرت ولم تسلِّم          
كأنك قد عبرت على خرابه
وقد مات الغريب فأين من يبكي على الغربا قيّدت في مصر إليك ركائبي            
غيري يغرّب تارة، ويشرّق
ما قلت أنت، ولا سمعت أنا      
هذا حديث لا يليق بنا
 
ولابد من الإشارة إلى أن شعر البهاء زهير ذا الاتجاه الشعبي قد عبّر عن التواصل الثقافي بين العراق ومصر فقوله: (كأنك قد عبرت على خرابه ) و (من يبكي على الغربا ) و ( وهذا حديث لا يليق بيننا ) معان ليس ببعيده عن واقع البيئة الشعبية العراقية.