فتياتٌ وشبابٌ يُنْعِشُون أسواق «البالات»

ولد وبنت 2024/05/06
...

 بغداد: نوارة محمد

في حياة الشباب تبرز رغبات جامحة في متابعة الموضة وآخر صيحاتها. وكثيرون منهم يعدون الأمر انعكاساً لهوياتهم وأمزجتهم وهي أيضا تعكس المستوى الاجتماعي، عموما فإن الاهتمام المتزايد بالأزياء يعبر عن حالة يمر بها جيل كامل. والملفت أن هذا أدى الى انتعاش سوق الملابس المستعملة «البالة» الاوروبية، الأمر الذي يجعلنا نتساءل كيف ولماذا يختارها شبان هذا الجيل؟.
 يقول أسعد حسين إن «ارتيادي لسوق البالة في سنواتي الأخيرة، أمر لا يتعلق بالعثور على منتجات عالية الجودة ولا الكلفة الاقتصادية فحسب، ولكن القطع الفريدة التي لا أجدها في المحال العادية أمر جعلني أرفض اللجوء لغير هذه الأسواق».
ويضيف: غالباً ما أحاول أن أقيم علاقات طيبة مع تجار هذه السوق كأن أوصيه مثلاً، على «جاكيتات» أصلية أو نظارات، وغيرها من قطع «فينتدج»، وكثيراً ما يحتفظون لي ببعض الأغراض جانباً أو يخبرونني بموعد جلب البضائع الجديدة.
والأسباب التي تدفع سمر محمد إلى ارتياد محلات الثياب المستعملة على حدِّ وصفها «شركات الموضة السريعة والمصانع المحليَّة تُنتج هذا النوع من المنتجات الاستهلاكيَّة بأقل كلفة، ومن ثمَّ فإنّها ليست ذات جودة عالية ولا تكاد تدوم حتى لموسم واحد كما أنَّ هدفهم الوحيد زيادة الربح على حساب الأشخاص والبيئة، وهذا ما جعلني مهووسة باختيار القطع الفريدة والمتميزة من أسواق البالة، حقائب وأحذية وقطع ملابس ورغم صعوبة إيجادها بالمقاسات المناسبة وعدم توافرها بأريحيّة مثلما يحدث في المحال التجاريّة المحليّة والمستوردة، إلا أن المتعة تكمن في البحث المستمر عن هذه القطع والعثور عليها».  
لكن  الأمر تحوّل إلى أزمة كبيرة بالنسبة للأستاذة الجامعيّة سهى العطار التي تتجنب الحديث عن شرائها ملابس مستعملة، كما تقول « كثيرا ما أتجنب قول إنني أرتدي ملابس مستعملة لا سيما في حديث مع الاصدقاء الجدد لأن هذا غير مُرحّب به بالمرة، وقد ينقلب الى الضد إذ يبدي المجتمع نظرة دونيَّة لمن يفضّل شراء الملابس المستعملة».
وتتابع: يجب ألا أعترف بأنني اشتريت ملابسي من البالة سينظرون إليَّ بطريقة دونيّة.
وترى العطار أنَّ الانعطافات التي تمرُّ بها المجتمعات العربيّة غيّرت بعض المفاهيم والتسميات، وأدت الى ظهور «تريند» جديد يخفف من وقع تسمية ملابس «البالة» فصار اسم هذه المحال «out lit” مثلا أو “thrift shop” التي تُوفر قطع أوروبية  نظيفة ذات علامات تجارية عالمية بشكل مريح وطريقة محترمة قد تغير الأزمنة علاقتنا بمتاجر الملابس المستعملة.
ومصممة الأزياء الاء عادل تتحدث خلال افتتاح عرض أزيائها كيف أنها مع محاولة الانفتاح على العالم صارت الثياب المستعملة أمرا اعتياديا ومقبولا نسبيا، وهي تسمح للشباب أن يرسموا هوية خاصة بهم بأسعار مقبولة، بعيداً عن العلامات التجارية العالمية التي أصبح لها صدى واسع الانتشار في عموم البلاد.
وتضيف عادل: خلال العمل في مشغلي الشخصي على مدار السنتين الأخيرتين لاحظت أن التركيز لا يقع على الأزياء فحسب لكن الجميع بدأ يبحث عن التفرّد من خلال ما يرتدونه، حتى أن أغلب الزبائن يطلبون مني ان لا أكرر انتاج القطع والتصاميم.
وتقول آية خالد وهي طالبة جامعيَّة: اشتريت ما يعادل 6 قطع ودفعت 25 ألف دينار عراقي فقط، وكانت قطعاً أنيقة ومتفردة لا يمكننا أن نجد منها في المحلات العادية.
وتصف خالد رحلتها هذه بحماس وهي تضيف: أذكر أننا قضينا في المحل أكثر من ساعتين نبحث في صندوق كبير من “الجينزات والبلوزات” وفساتين السهرات ونجرّب ما يعجبنا بأقل الأسعار وأفضل “البراندات” العالميَّة الأمر الذي لا يمكن أن يحدث في المحال التجاريَّة العادية.
وتوضح أنَّ “هناك ترويجا للإقبال على “ملابس البالة” في مواقع التواصل الاجتماعي، فالمدونون وصانعو المحتوى الذين يأتون ويصورون مقاطع فيديويَّة في الأسواق الشعبية أثارت موجة قبول واسعة وجعلت أغلب الشباب يتوجهون نحو سوق
البالة”.