الادخار والشمول المالي

اقتصادية 2024/05/06
...

محمد شريف أبو ميسم

هنالك علاقة وثيقة بين الادخار والشمول المالي، إذ عادةً ما تكون الاقتصادات ذات المستويات الجيدة من الادخار أكثر شمولاً واستقراراً وثباتاً في التداولات والتبادلات الماليَّة ومعدلات النموّ والقدرة على تحمل الصدمات، ويبدو أنَّ هذه العلاقة كانت دافعاً لاعتماد شعار “نحو تشجيع الادخار لتعزيز الشمول المالي” بمناسبة اليوم العربي للشمول المالي الذي يوافق السابع والعشرين من نيسان في كلِّ عام.
والشمول المالي يعني الوصول بالخدمات المالية إلى عموم الفئات المجتمعية وتشجيعها على فتح الحسابات المصرفية، عبر فتح المزيد من فروع المصارف في الأماكن البعيدة عن مراكز المدن، وإدخال المزيد من أنظمة المدفوعات والتقانات التي تسهم في اختزال حلقات الترهّل في الأداء وتعيد الثقة بين الجمهور والقطاع المصرفي، بما يؤسس لسحب الكتلة النقدية المكتنزة في المنازل وسواها من أماكن الاكتناز، وبالتالي تدويرها في العمليات الائتمانية والمشاريع الاقتصادية من أجل دعم بيئة الأعمال ومعالجة مشكلة البطالة في سوق العمل ومن ثم تحقيق التنمية المستدامة.
ويشارك القطاع المصرفي في بلدنا في فعاليات الشمول المالي التي تعتمد الترويج والانفتاح على الجمهور في الأماكن العامة والجامعات والمراكز التجارية بهدف تشجيع الجمهور على التعامل مع القطاع المصرفي وزيادة نسبة التداولات والتعاملات في الساحة المصرفية وبالتالي تحقيق أعلى مستويات من الادخار.
وقد تكون مثل هكذا فعاليات منتجة على قدر من التأثير تبعاً للمناطق التي تقام فيها، ومكملة لما تعمل من أجله الجهات ذات العلاقة في سياق اعتماد أنظمة الدفع الإلكتروني وحماية الجمهور، إلا أنَّ ثمة عوائق تحتاج إلى التأمل وإعادة النظر فيها إذا أردنا تحقيق نتائج إيجابية في ملفّ تشجيع الادخار، وتحقيق العلاقة التكاملية بين الشمول المالي وسحب الكتلة النقدية المكتنزة لدى الجمهور والتي تقدّرها الجهات ذات العلاقة بنحو 70 بالمئة من النقد الصادر، وأولى هذه الإشكاليات التي تحتاج للدراسة والتأمل هي إشكالية الفارق في سعر صرف العملة والتي تدفع الجمهور لشراء العملات الأجنبية باعتبارها ملاذاً آمناً من تقلبات سعر الصرف، وحل هذه الإشكالية يسهم مساهمة كبيرة في صناعة الثقة بين الجمهور والمصارف، بجانب احتمالات رفع نسبة الفائدة في ظل تزايد الإنفاق الحكومي على المشاريع الخدمية، الأمر الذي قد يترتب عليه ارتفاع في معدلات التضخم، ونعتقد أنَّ تقديم امتيازات مصرفية للمدخرين هو السبيل المناسب لتشجيع الادخار، من قبيل ضمان الحصول على وحدات سكنية للمدخرين وخصوصاً الأطفال والصبية بنصف السعر بعد عشرة أو خمسة عشر عاماً من الادخار بنسب معينة، أو تقديم منحة زواج مجانية في حالة الاستمرار بالادخار لهذه الفئات العمرية لنحو من السنين.