مشروع قانون استبدال العقوبات السالبة للحريَّة بغرامات ماليَّة

آراء 2024/05/07
...

  د. حميد طارش

يأتي تقديم مشروع قانون استبدال العقوبات السالبة للحرية بغرامات مالية إلى مجلس النواب في سياق مفهوم العقوبات البديلة، الّا إن عنوان الموضوع ومضمونه افترقا عن ما تستهدفه العقوبات البديلة....
لا تخفى أهمية تطبيق العقوبات البديلة التي تتعدد صورها كالغرامة المالية والعمل للمنفعة العامة كالخدمة في دور العجزة والايتام والمستشفيات والمزارع والمعامل، ولهذه العقوبات أهمية كبيرة للدولة والمجتمع، إذ توفر للدولة الأموال التي تصرف على السجناء، كما أنها تمنع من تخريج دفعات جديدة من المجرمين بسبب الاحتكاك بين الجناة من المجرمين بالصدفة مع عتاة المجرمين، كما تغني الدولة عن الآثار السلبية لترك عائلة الجاني دون معيل ومرشد وعدم إهدار طاقة الجناة في السجون، بل ستكون الغرامة المالية موردا لخزينة الدولة، فضلا عن تفادي الجاني وعائلته السمعة (السيئة) للسجين وما يترتب عليها من عقد نفسية وتمييز في المجتمع والذي قد يفضي إلى ارتكاب جرائم
اخرى.
وتمت معالجة ما يوجه من نقد للنظام المذكور، كالإفلات من العقاب أو التشجيع على ارتكاب الجرائم وذلك عن طريق فرضها على انواع معينة من الجرائم، كالمخالفات والجرائم غير العمدية أو بحسب دراسة حالة الجاني من حيث خلّوه من الخطورة والسوابق الاجرامية، وهذا ما تضمنه مشروع القانون فضلا عن اعتبار العقوبة الاصلية موقوفة وتنفذ عند ارتكاب جريمة عمدية خلال ثلاث سنوات من تاريخ تنفيذ عقوبة الغرامة، واما ما يرد على الغرامة من انها اعفاء للاغنياء من العقوبات، وهذا ما اقتصر عليه مشروع القانون المذكور، يمكن معالجته، بان يكون تقدير الغرامة المالية بحسب المقدرة المالية للجاني، وليست محددة كما وردت في المشروع، وهذا ما جرى عليه القضاء، على سبيل المثال، في تقدير قيمة الكفالة للمتهم بحسب حالته المادية، والأهم أن تُتاح عقوبات بديلة أخرى للجناة الفقراء كالعمل للمنفعة العامة وغيرها مما ذكر  آنفاً.
المشروع خطوة مهمة للامام نأمل اكتمالها بما استقر عليه البحث في هذا النوع من العقوبات.