تود وود ترجمة: مي اسماعيل
"بفضل نهج الرئيس ترامب "أميركا أولا"؛ باتت اميركا اليوم أكبر مصدر للطاقة في العالم. وهذا الواقع الجديد له تأثير يفوق سعر الغالون الواحد من النفط.
فقد بات الشرق الأوسط يفقد أهميته الجيوسياسية؛ ولم يعد المسمار المحوري للاقتصاد الأميركي. اليوم لدينا ثلاثمئة عام من امدادات الطاقة تحت أقدامنا؛ ولم يعد علينا خوض حروب لا تنتهي في منطقة الهلال الخصيب لحماية مصالحنا الاقتصادية الوطنية. بالطبع ما زال ارهاب الشرق الأوسط مشكلة أمنية ضخمة، وما زال علينا التعامل معها.
لكن هناك بقعة ساخنة اخرى فرض فيها عالم الطاقة الجديد الشجاع على الولايات المتحدة عملية إعادة حساب كبرى، وهي
أفريقيا. هناك لدينا قضايا متعددة على المحك؛ تؤثر مباشرة في الاهتمامات الأمنية للولايات المتحدة.. أفريقيا تمتلك النفط؛ لكن "الشحنة الثمينة" الحقيقية هناك هي معادن الأرض النادرة وسلع أخرى... وكل خصومنا الرئيسيين يعرفون ذلك.
خلاصة الاتفاقات
تنشغل روسيا بارسال المرتزقة الى أماكن مثل السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى؛ بحثا عن صفقات جيدة لا يمكن لدكتاتورات أفريقيا سريعي التأثر أن يرفضوها.
والخلاصة: أعطونا منفذا الى ثرواتكم الخام (وربما حتى قاعدة عسكرية)؛ وسنُبقيكم في السلطة. هذه الحملة باتت تلفت الانتباه حتى داخل روسيا ذاتها؛ إذ قتل ثلاثة صحفيين روس العام الماضي بجمهورية أفريقيا الوسطى أثناء محاولتهم تقصي ما يفعله المرتزقة (المستأجرون من قبل "مجموعة واغنر" ومقرها روسيا) بخصوص الرواسب المعدنية المحلية.
الصين أيضا كانت ناشطة في أفريقيا منذ سنين، من خلال مركزها اللوجستي الضخم بجيبوتي. وما زال علينا أن نرى ما اذا كانت مبادرة بكين المسماة "الحزام والطريق" ستعمل فعليا على مساعدة تلك الدول الفقيرة لتطوير بنيتها التحتية وشبكات المواصلات؛ أو تؤدي فقط لتكبيلها بديون ساحقة لن يتمكنوا أبدا من تسديدها.
تتحرك أجندة الصين التجارية حاليًا بسرعة كبيرة في أفريقيا؛ متطلعة إلى استبدال سوق الولايات المتحدة الشاسع بمبادرة طريق الحرير الجديد إلى آسيا الوسطى، ومن بعدها الى أوروبا. بات المسؤولون الصينيون الآن أكثر اندفاعا لوضع قناة التجارة تلك موضع التطبيق؛ بينما تهدد الرسوم التي فرضها ترامب والمحادثات التجارية
نموذج التصدير للتنمية.
تدخل ليس بالحديث
تدخلت القوات الخاصة الأميركية في أفريقيا منذ عقود لقتال المجموعات الارهابية؛ وألقت حادثة مقتل جنود أميركان في النيجر العام الماضي الضوء على تلك الحقيقة، ورفعت مستوى الوعي بين عدد دول القارة الافريقية التي ينتشر الأميركان فيها. فأفريقيا حلبة أكبر بكثير من الشرق الأوسط، وتضم أماكن أكثر ليختبئ فيها الارهابيون؛ ليتدربوا ويخططوا لمهاجمة الغرب. وهذا بحد ذاته سيضمن بقاء العسكرية الأميركية نشيطة في القارة لفترة طويلة. تقول أوساط من داخل مؤسسة العمليات الخاصة الأميركية إن البنتاغون يستعد ليضطلع بمهام أكبر بكثير في أفريقيا؛ لإحباط التأثير الصيني والروسي. وهذه وصفة لمواجهة عالية الشدة بين القوى العسكرية الكبرى في العالم. آمل فقط أن العمليات الأميركية المستقبلية في افريقيا ستتلقى الموارد التي تستحقها قواتنا المسلحة؛ ورغم أن أولئك الجنود سيخدمون وقد يموتون في مناطق نائية؛ لكن تضحياتهم ستكون نظيرا لكل من فقد حياته في العراق وأفغانستان.. وستعاني أسرهم الحزن
نفسه".