رزاق عداي
عندما قررت اسرائيل توجيه ضربة إلى مصر في حزيران 1967، كانت تدرك أن عديد طائراتها، لا يمكن أن تغطي كل مساحة صحراء سيناء الشاسعة، التي كانت تنتشر عليها
القطعات العسكرية المصرية، فكان لا بد للطائرات الاسرائيلية المقاتلة، أن تنفذ ضراباتها، ثم ترجع للتزود بالوقود وبالاعتدة، ولتعود لتستأنف الهجوم ثانية وثالثة وهكذا، وكان خشية الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية تكمن في الابلاغ السريع من قبل القطعات الميدانية إلى القيادة المصرية، فتتخذ الأخيرة الاجراءات الفورية المقابلة التي من شأنها احتواء الهجوم الاسرائيلي وصده، لهذا تطلب الامر دراسة سيكولوجية الانسان المصري عموما وتطبيقها على ردود افعال المقاتل المتوقعة في لحظات الازمات والمعارك، فهل هذه الشخصية حرة وقوية في الاعتراف بالاخطاء واتخاذ القرارات ؟، ام انها خائفة ومهزوزة فتتردد عن الابلاغ ؟، فلم يجدوا سبيلا متاحا وسهلا، سوى تشكيل لجنة ادبية في الموساد الاسرائيلي لدراسة روايات - نجيب محفوظ - لمعرفة الخصائص العامة للشخصية المصرية من خلال دراسة البنى السيكولوجية لشخوص روياته وقصصه، وتفحص هذه الدراسة باستخام المنهج الكلي على تركيب عموم المجتمع المصري انذاك، وخلصت اللجنة اخيرا إلى نتائج عامة مفادها، ان الشخصية المصرية مستلبه وخائفة وبطيئة في اتخاذ القرارات، وكانت هذه النتائج مقاربة إلى حد ما لردود الافعال اللاحقة من قبل القيادات المصريةالعسكرية الميدانية التي تلكأت كثيرا في الابلاغ السريع، فكان هذا مبعثاً للامتعاض الشديد من قبل الرئيس المصري انذاك - جمال عبد الناصر - جراء عدم الشفافية والبطء في مصارحة القيادة عن العمليات العسكرية وتطورات المعركة، فكان هذا درسًا استفادت منه القيادة العسكرية المصرية لاحقاً في تشرين 1973 في عهد الرئيس المصري - انور السادات، وتمكنت من دراسة كل الجزئيات التي لها علاقة بالهجوم على الجيش الاسرائيلي، وخصوصا في عبور قناة السويس، التي كانت تشكل بمثابة العقدة الصعبة، كما شملت دراسة ردود الافعال المقابلة، والحرص الكبير على جعل الضربة الاولى على قدر كبير من المباغتة والسرية.
أثبتت العسكرية الألمانية أن تكتيكات الصدمة والتأثيرات النفسية لهجوم مدرع كثيف ومنسق ستكون رهيبة فعلاً، ويمكن لتأثيرها أن يمتد إلى مسافات بعيدة عن نقطة الاشتباك.
كما تحدث اضطراباً وخلخلة في صفوف المدافعين.
مفعول أو تأثير الصدمة الناتج عن هجوم مدرع جيد التخطيط، ومنسق من حيث استخدام مختلف الأسلحة، يعطى بحد ذاته بعض الحماية للقوات المهاجمة ويخفض عدد الإصابات البشرية.
ان أول استخدام فعلي لمبدأ الحرب الخاطفة كان على يد الجيش المغولي، حيث كان الجيش الغولي كله تقريبا يتكون من سلاح الفرسان وهذا ما جعلها فعلا احد اسرع الامبراطوريات توسعا في التاريخ.