العدوان على الأونروا

قضايا عربية ودولية 2024/05/21
...

علي حسن الفواز

باتت الدعوة إلى إجراء "تحقيق دولي" بجرائم الإبادة التي يرتكبها الكيان الصهيوني أمراً لازماً، وإجراءً تفرضه معطيات الواقع الغارق بفجيعة العدوان، فما يحدث في غزّة، وفي رفح يكشف عن توصيف قانوني للجريمة التي تُرتكب في القطاع، والتي ما زال الكيان الصهيوني يواصل تنفيذها مع سبق الإصرار، ولأهدافٍ يجعل منها الصهاينة خياراً لفرض الأمر الواقع في غزّة، تحت يافطة تحقيقِ نصرٍ عسكري كما يتوهم "نتن ياهو" أو ما يدعو إليه جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأميركي.
الدعوات إلى المطالبة بهذا التحقيق الدولي تدخل في سياق العمل على فرض القانون، وعلى إيقاف جرائم العدوان المتوحش والعنصري في غزّة، رغم أنَّ ما يحدث فيها هو استمرار لتاريخٍ مفتوح على حروبٍ كثيرة، بدءاً من حرب التهجير إلى حرب الأيام الستة وحرب غزو بيروت، وحرب الاغتيالات وانتهاء بالحرب العنصرية المتواصلة في غزّة منذ 7 أكتوبر عام 2024.
تتجاوز حرب التدمير التي يقوم بها الكيان الصهيوني، الأهداف العسكرية، لتشمل الحياة المدنية للفلسطينيين، والبنى التحتية والخدماتية في القطاع، لاسيما الخدمات الصحية، ولعلّ ما أعلنت عنه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" من معطيات، يكشف عن الطبيعة السوداء لتلك الأهداف، بوصفها جرائم ضد الإنسانية، وموثّقة من جهات رسمية دولية ومحلية، وهو ما يعني وجود وثائق إدانة للكيان الصهيوني الساندة لتقديمه للعدالة الدولية.
إنَّ ما يقوم به الكيان الصهيوني من جرائم بات كارثياً، وإنَّ تفاقمها يتطلب ضغطاً دولياً، وإجراءات تؤكد الحاجة إلى سياسات تدعم عمل "الأونروا" من جانب، والتأكيد على ضرورة التحقيق الدولي بصدد هذه الجرائم من جانب آخر، لأنَّ منع الجهات الدولية من العمل في القطاع يدخل في سياق أهداف الكيان الصهيوني، وإيقاف الولايات المتحدة دعمها للأونروا ليس بعيداً عن ذلك، ولا عن خلقِ واقعٍ لا إنساني يُزيد من محنة الفلسطينيين، ومن ظروفهم الإنسانية المعيشية والخدماتية الصعبة، وفرض فكرة القوة على "المقاومة" لكي تطلق سراح الرهائن دون مقابل.
تشويه سمعة "الأونروا" من قبل الصهاينة والأميركان يدخل في مجال "الاغتيال السياسي" وإنَّ ترويج الشائعات عنها، واتهامها بعدم الالتزام في عملها الأممي ليس بعيداً عن الضغط، وبهدف تحويل هذه المؤسسة الدولية إلى واجهة لخدمة المصالح الصهيونية في غزّة، وحتى منعها من تقديم المساعدات لأكثر من مليوني شخص يعانون من ظروف العدوان وتأثيراتها الخطيرة، فضلاً عن منع وصول المعلومات الدقيقة عن الواقع الصحي والتعليمي والإنساني للأطفال والنساء في مدن القطّاع.