مصير المهاجرين غير الشرعيين في المملكة المتحدة

فلكلور 2024/05/29
...

 لندن: عبدالقادر حداد

وصل أكثر من 10 آلاف مهاجر إلى بريطانيا منذ بداية العام من خلال عبور بحر المانش، وهو عدد غير مسبوق يتزامن بلوغه مع حملة الانتخابات التشريعية المتوقعة في 4 تموز في البلاد.وتشكل الهجرة غير الشرعية قضية رئيسية في الحملة الانتخابية التي انطلقت رسميا الأربعاء الفائت مع إعلان رئيس الوزراء البريطاني المحافظ ريشي سوناك موعد الانتخابات.وعدَ سوناك بوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين.

 وجعل تحقيق هذا الهدف أحد أولوياته، إذ وافق البرلمان البريطاني في الثالث والعشرين من شهر نيسان المنصرم، على إقرار مشروع القانون الذي قدمه رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك إلى البرلمان، الذي يسمح بترحيل عددٍ من المهاجرين غير الشرعيين وطالبي اللجوء في المملكة المتحدة إلى جمهوريَّة رواندا في شرق القارة الأفريقيَّة، إذ وفقاً للاتفاقيَّة البريطانيَّة الروانديَّة الممتدة لخمسة أعوام سيسمح للمهاجرين المُرحلين تقديم طلب اللجوء من رواندا وفي حالة قبول الطلب سيكون للشخص المعني حقُّ الإقامة في رواندا وبتمويل من الحكومة البريطانيَّة ولن يسمح له بالعودة لبريطانيا تحت أي ظرف، وفي حال رفض الطلب سيكون بإمكان المعني تقديم طلب اللجوء لرواندا أو أي بلدٍ آخر يراه آمناً.

نصت وثيقة القانون الجديد الذي أقرَّهُ البرلمان البريطاني على أنَّ رواندا وجهة آمنة وأنَّ كلا الجانبين البريطاني والرواندي قد وقعا اتفاقاً في العاصمة الروانديَّة (كيغالي) يتعهد بموجبه الجانب الرواندي بعدم ترحيل أي مهاجرٍ أو طالب لجوءٍ يصل لرواندا إلى بلده الأصلي، كما نصت وثيقة القانون على منح الحكومة البريطانيَّة الحق في تجاوز الاتفاقيات والمنظمات الدوليَّة والتحرك من دون موافقتها. 

جاءت هذه التعديلات على نص القانون لغلق الباب أمام محاولات المحكمة العليا في بريطانيا والمحكمة الأوروبيَّة لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدوليَّة لحماية اللاجئين من تنفيذ القانون، إذ أصدرت المحكمة البريطانيَّة العليا في تشرين الثاني من العام الماضي قراراً بعدم شرعيَّة خطة الترحيل هذه، معللة السبب بأنَّ الخطة لا تقدم ضماناتٍ تمنع ترحيل طالبي اللجوء إلى بلدانهم الأصليَّة، وأنَّ رواندا بلدٌ غير آمنٍ، كما وللمحكمة الأوروبيَّة الحق في إبطال أي قرار ترحيل وسبق أنْ قامت بهذا الأمر.

بالنسبة لرئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك فإنَّ إقرار خطة الترحيل التي تبناها وتبنتها حكومته من قبل البرلمان، سيخفف من الضغط وحالة الاستياء في المجتمع البريطاني تجاه حكومته بسبب ارتفاع نسب المهاجرين في بريطانيا، كما أنَّ سوناك يتأمل من هذا القرار رفع نسبة شعبيته داخل حزبه خصوصاً أنَّ ملف ترحيل اللاجئين كان من الوعود الانتخابيَّة التي رفعتها حكومة المحافظين، وقد أعلن سوناك أنَّ عمليات الترحيل ستبدأ خلال الصيف المقبل.

أما عن دوافع جمهوريَّة رواندا البالغ عدد سكانها 13 مليون نسمة فإنَّ حكومتها تتباين الآراء حولها في أروقة المجتمع الدولي، إذ إنها تلقى من جانبٍ دعماً وترحيباً للحركة التنمويَّة التي تقوم بها في البلاد وانتقاداً من الجانب الآخر بسبب اتهامها بانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان.

وبحسب وكالة فرانس برس الفرنسيَّة ستمول بريطانيا هذه الخطة بنحو 114 مليار يورو في مرحلة أولى، كما وبحسب مراقبين فإنَّ الاتفاقيَّة البريطانيَّة الروانديَّة ستزيد من حجم الاستثمارات البريطانيَّة في رواندا، وتعمل على تحسين صورة الرئيس الرواندي (بول كاغامه) وحكومته إلى جانب دعمه من قبل بريطانيا أمام المجتمع الدولي على خلفيَّة اتهامات وجّهت له ولحكومته بشأن حقوق الإنسان.

ترى جبهة المعارضة لحكومة الرئيس (بول كاغامه) أنَّ الاتفاقيَّة البريطانيَّة الروانديَّة ستعمق من الأزمة الاقتصاديَّة التي تعانيها البلاد من بعد جائحة كورونا، وقالت زعيمة المعارضة (فيكتوار انغابير): «إنَّه من غير الواضح كيف ستدعم رواندا المهاجرين و على تنميتهم وتوظيفهم، ينبغي على الحكومة الروانديَّة أنْ تركز على حل المشكلات السياسيَّة والاجتماعيَّة لمواطنيها والتي تحولهم إلى لاجئين في بلدانٍ أخرى».

وبالعودة إلى الجانب البريطاني، فإنَّ خطة ريشي سوناك تواجه سيلاً كبيراً من الانتقادات من قبل المنظمات الحقوقيَّة والمنظمات العاملة في حماية اللاجئين ومن بينهم (هيومن رايتس ووتش) وقد تعهدوا جميعاً باستمرار اللجوء إلى القضاء معتبرة خطة سوناك مخالفة لمعايير القانون الدولي وتملصاً من الحكومة البريطانيَّة لواجباتها الإنسانيَّة في توفير الحماية والأمن لأشخاصٍ يعيشون أوضاعاً غير

آمنة.