إعداد: الحقوقية شهد أحمد اللامي
ينظر المجتمع إلى المرأة المطلقة من زاوية ضيقة، وكأنّها مختلفة تمامًا عن بقية النساء بسبب انفصالها عن زوجها، بل يحملونها أعباءَ فشل العلاقة الزوجيَّة بذريعة أنّنا نعيش في مجتمع قبلي ذكوري يراعي الأعراف والتقاليد المحافظة، التي ترى أن الرجل رجلٌ حتى وإن أخطأ أو أهمل عائلته فهو يبقى رجل البيت وعلى الزوجة أن تتحمّل وتصبر حتى على سوء معاملته وعدم تحمّله لأية مسؤولية لأنَّ لديها أطفال.
وهنا يكون المجتمع هو المتسبّب في انتشار الجريمة عبر تمسّكه بهذه النزعة العرفيّة التي تجرّم المظلوم وتبرّئ الظالم.
فكثيرٌ من النساء أصبحوا رجالا في بيوتهم نتيجة لعدم مسؤولية الأزواج من ناحية العائلة وعدم الإنفاق عليهم أو تلبية متطلباتهم، فضلا عن الأسلوب غير المحترم والتعنيف، فينفذ هنا ما لدى الزوجة من صبر وصحة، فنجدها تترك دار زوجها وتذهب إلى أهلها، وتقول إنّها «لم تعد تتمكن من أن تتحمّل أكثر فطاقتها انتهت».
وهنا الأعراف تطغى على الرحمة والإنسانيَّة وتسود القبليَّة ويأبون سماعها، بل وإسكاتها وإرجاعها الى دار زوجها لإكمال ما تبقى من سلسلة معاناة من انعدام الرحمة. وتزايد الضغوطات النفسيّة وعدم التحمّل يولد عند الزوجة صراعا نفسيا للتخلص من هذه الحياة فتقبل على الانتحار، وفي بالها أنّها «ستذهب لمن هو أرحم من أهلها وزوجها».
والعامل المساعد هنا على ارتكاب الجريمة هم الأهل والزوج، لأنّهم دفعوها الى ارتكاب مثل هذا الفعل «الانتحار» بسبب الضغط النفسي.
ولغرض تفادي مثل هذه الحوادث علينا أن نعزز من معنويات هذه الشريحة، وجعلها تعيش وتخالط المجتمع، لا ننظر إليها وكأنّها مرتكبة فاحشة، فليست كل امرأة مطلقة فاشلة، بل تكون قد تخلصت من زوج فاشل غير قادر على تحمّل أعباء الحياة وأخذ دوره كزوج وأب لأسرته. لذا علينا أن نقوم بورشات تثقيفيَّة للمجتمع المدني، لتوعية الأهالي بضرورة مساندة بناتهم في حال انفصالهن عن أزواجهن وعدم محاربتهن، وأن نترك الأعراف البالية والنظر للقرآن الكريم وما جاء به الله في كتابه العزيز «إمساكًا بمعروف أو تسريحًا بإحسان».
وهو نص صريح وواضح في أن «الزوج الذي لم يكن أهلا للمعروف والمعاشرة يكون التسريح هو الحل الأفضل للطرفين للحد من ظاهرة أصبحت هي الحل الوحيد لمطلقات غايتهن في التخلّص من حياة بائسة غير محترمة. فكثير من المطلقات أثبتن نجاحهن وإصرارهن وهن يُكافحن بكيانهن الخاص ومشاريعهن، ومن هن من اشتغلن على تطوير الذات ولم يجعلن ما مرَّ بهن حاجزًا لكسر طموحهم، بل هُنَّ من كسرن الحاجز وحققن ما يطمحن إليه.. وحقيقة هذه هي المرأة التي تصنع المستحيل من رحم معاناتها.