بمناسبة ذكرى رحيله.. الإيقاع في شعر عزيز السماوي

ثقافة شعبية 2024/06/06
...

 سعد صاحب


قصيدة عزيز السماوي رغم التزامها بالوزن والقافية، تنتمي الى الايقاع والتراكيب الموسيقية المستحدثة، او ثمة طموح خفي ان تكون كذلك، وان الاعتماد الكلي على الموسيقى الداخلية في الشعر الشعبي حالة بالغة الصعوبة، ولا يمكن ضمان نجاح التجربة، إلا عند شعراء قلائل، تمكنوا من الكتابة على شتى البحور ومختلف الموضوعات الشيقة.
وبعد تجارب عديدة، كتبوا في هذا النهج المختلف الذي لا يخلو من التعقيد، وهذا الاسلوب يحتاج الى الدقة والتحسب والموضوعية وبناء الاساس السليم.
(سويني خنجر والچتيل الضيف/ خليني المع من سراب الصيف/ وگرابي الضلوع الما تعرف الكيف/ يندهني طيفي المنذبح بالطيف/ اكتل الاحلام واليقظه سوه/ ولا تظل الروح نجمه بلا ضوه).

سلالم جديدة
من حق الشاعر اختيار بعض البحور الشعرية الهادئة، الدالة على الانسجام والتعايش والحب والسلام والافتنان، والابتعاد عن الاوزان المثيرة للغضب والعصيان والنفور والاحتجاج، ومن طبيعة المبدع الخلاق، يكون البحر الشعري طوع ارادته، ويستخدمه كما يريد، أي انه يروضه كما تروض الخيول النافرة، ولا يتم التجاوب بدون التفاعل بين حب الموسيقى، وبين التجريب المستمر لايجاد انغام على سلالم جديدة.
(غسلني بدمع من اطفالي/ ولا عار ايظل اسمه ابالي/ من اصرخ ما يرحم صوتي/ تطلع نجمه بصف اهلالي/ تحمر النجمه امن الواهس/ عفنه الشاطي نريد الچالي).
تعدد البحور لا يعني تنوع التفاعيل فقط، واختلاف الاشكال وطرائق البناء واختيار القوافي والمفردات، وانما يعود الى كثرة الاغراض السامية، فهناك الشعر الراقي، المعني بقضايا الانسان المصيرية الحاسمة، الواقف بالضد من الحرب والموت والنزوح والعبودية والاستغلال وحملات الابادة الجماعية للشعوب المسالمة، وعلى رصيف اخر يترنح الشعر الوضيع، المختص بالكذب والغش والتزوير والمجاملة والنفاق والتمجيد والمديح.
(هودج شبابك فحط/ تاه برمل هيمه/ والنوگ گام اتعثر/ كلمن ثگل ضيمه/ والعطش حز الگلب/ ماظن تمر غيمه/ احدي بسوالف هظم/ زرعك رحل ديمه/ وانه بطيوف العمر/ انصب الف خيمه).

دلالات شعرية
لا يكتب عن القميص باعتباره غطاء للجسد، او سترا لعراء غير مسموح به اخلاقيا، بل يرى فيه انتماء لفكرة ما، ربما تكون سياسية او اجتماعية او انسانية، فاللون يفسر تفسيرا فلسفيا او فكريا او ابداعيا او نفسيا، وكل التفاصيل الموجودة في القماش، لها دلالات شعرية متباينة في معناها، من شخص لاخر بحسب تقافته ووعيه وتطلعه وانتماءه السياسي.
(ولو حزني ثجيل وما تبرده ادموع/ مو گلبي عراق التنبض انهاره حزن وشموع/ وتلمع عالقميص ادموع).

لغةٌ استثنائيَّة
يجتهد بالبحث عن لغة استثنائية جديدة، تهتم بعوالم الكآبة والخوف والموت والدم والسيوف والشكوك والشرور، وهو واحد من افضل المترجمين لارهاصات ذلك الجو المريب، ونحن جميعا في قبضة زمن محكم ينخر القوى، ويسلب ارادة الاحرار، ويشوه اجمل ما في الانسان من صفات نبيلة، ويحوله الى مسخ لا يجيد سوى الهرولة بكل الاتجاهات.
(ودمنه هناك عالجرفين/ يتلگه الصبح شمسين/ شمس تضوي الفرح للناس/ وشمس نخبز عليها الطين).